تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
لا تني أحزاب قوى السلطة متضامنة متآزرة تناور وتطلق كل يوم "مضبطة اتهام" بحق المتظاهرين والمعتصمين، ولا نستغرب غدا أن يكون القسم الأكبر من اللبنانيين المفترشين الساحات والطرقات في عرفها وقاموسها، عملاء لجهات وعواصم عربية وأجنبية، أو هم على حلف متينٍ مكين مع الولايات المتحدة الأميركية، وينسقون مباشرة مع الدوائر الصهيو-أميركية في البيت الأبيض، ومرتشين من أتباع السفارات والقنصليات ينصبون أفخاخا للبنان ويهددون سلمه الأهلي وأمنه وأمانه و"استقراره" الاقتصادي والمالي، ويهددون بإفلاس المؤسسات وإقفالها تمهيدا لهجرة الأدمغة واليد العاملة، وإغراق البلد بالنفايات وقطع الكهرباء عن مدنه وقراه... إلخ.
في ساعات قليلة يكون ثمة اتهام جاهز لـ "قوى الشر والظلام المستبيحة لبنان"، اتهام يطلقه التابعون الخلّص الأنقياء الأتقياء للسلطة بكامل شفافيتها وهالة وقارها، فيما عجزت السلطة عينها عن تقديم فاسد واحد إلى القضاء طوال ثلاثين سنة، أليس في الأمر مفارقة ما؟ واليوم بدأت معزوفة الخوف من الفراغ، وأكثر من سنتين ولبنان في قلب فراغ رئاسي وما رف جفن مسؤول، فيما الخوف من الفراغ تأتى بعد تسعة أيام اعتصام وتظاهر، مفارقة أيضا! سنة ونصف السنة شل بعض أقطاب السلطة الوسط التجاري في بيروت، وبعض أزلامهم انهالوا بالضرب على المعتصمين في مدينة النبطية بعد سبعة أيام اعتصام دفاعا عن تجارها، أيضا مفارقة!
ومن ثم، ماذا عن "غزوة" القمصان السود أمس في رياض الصلح أمس؟ هذه "الغزوة" التي أعادت إلى الذاكرة اللبنانية القريبة أحداث السابع من أيار 2008، وثمة من يتخوف الآن من حرب أهلية، مفارقة أيضا، أما السلطة فبعيدة من الشبهات، كل المقرارات الرسمية في موضوع الإصلاح والتقدم وتحقيق الرفاه الاجتماعي تم تطبيقها وتحققت، وحوسب الفاسدون واستعيدت الأموال المنهوبة والأملاك المهربة، بحرية ونهرية وأراض رطبة!
أما في مَا يتعلق بمحاربة الفاسدين فالأمر منوط بقانون يحميهم متمثلا بــ "المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء" المشكل تحاصصا بين أركان من يحمون الفساد، ويبقى الخوف من الفراغ ضاغطا، وهضه أيضا مفارقة، وكأن اللبنانيين جميعا هم خارج الفراغ منذ عقود ثلاثة، علما أنه عندما تعجز الدولة عن مكافحة الفاسدين وناهبي المال العام فهذا فراغ بشهادة "سوء سلوك"، ولم يدرك المسؤولون إلى اليوم أن حال اللبنانيين أقرب ما يكون إلى ما قاله المتنبي قبل أكثر من ألف سنة: "الهجرُ أَقْتَلُ لي مما أراقبه، أنا الغريق فما خوفي من البلل"!