تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
بعد بنت جبيل قبل أيام قليلة، جاءت "غزوة" النبطية أمس لتقدم وجها آخر لـ " حزب الله " لا نريده له، ولا نرضى انحداره إلى تغليب السياسي على وجع الناس، مع ما نكنه له من تقدير وعرفان بالجميل لتضحياته ودماء شهدائه إلى جانب تضحيات وشهداء اللبنانيين من مختلف الطوائف الذي واجهوا إسرائيل منذ العام 1968 وما بدلوا تبديلا، خصوصا وأن مقاومة الاحتلال ليست حصرية لفئة، كأن يُعقد لواؤها لفريق دون آخر، الكل قدم التضحيات والشهداء والجرحى والأسرى والمفقودين والمبتوري الأطراف والمشوهين والمعوقين، من طرابلس إلى تنورين إلى الأشرفية إلى الجبل إلى بتغرين إلى جب جنين إلى كل بقعة من بقاع لبنان.
أما وقد وصل الأمر حد القمع ومواجهة الناس العزل بالعصي والحجارة والسكاكين وإطلاق النار ترويعا، فثمة كلام يجب أن يُقال، إذا كانت ثمة اعتبارات إقليمية لدى المقاومة فلا يجب صرفها في معادلات الداخل، زمن القوة ولى، وزمن فرض المعادلات انتهى، ليس ثمة لبناني جاع وسد الرمق بـ "صاروخ"، القذائف والمعدات العسكرية المتطورة لا تطعم شعبا ولا توفر وظائف وفرص عمل، ولا تعطل وتلغي منظومة الفساد، وأي مقاومة لا تساهم في بناء اقتصاد قوي ومتين تكون ناقصة، وتصبح في لحظة ما مشروع فرقة بين اللبنانيين، وإن زُينت بشعارات بأن المقاومة "أطعمتنا كرامة"، كما يروج كثيرون في معرض ردهم وتبريرهم لقمع المتظاهرين في عدد من قرى وبلدات الجنوب.
أن تتعارض قناعاتك مع مطالب الناس في مواجهة مفاسد السلطة وممارساتها الفاضحة، فلا يعني ذلك أنك تمتلك الحقيقة، ومن هنا بدأ "حزب الله" يخسر من بيئته الحاضنة، من رصيده بعد أن خسر رصيدا وطنيا وعربيا ودوليا، مشكلة الحزب تتبدى راهنا بأنه يتصرف على قاعدة أنه أكبر من الدولة، يفرض معادلاته بالقوة والتعطيل لمواجهة "أعداء" الداخل، فمن ينتقد يصنف برتبة "عميل"، ولا يعلم (الحزب) أن ثمة وعيا يتنامى وأن الناس صوبوا على الفساد ومنظومته وهو أحد مكوناتها، قد لا يكون "حزب الله" شريكا ولكن على علم ودراية بما يطبخ، والساكت عن الحق شيطان أخرس.
من غرائب الأمور أن يرى عضو كتلة "الوفاء للقاومة" النائب حسن فضل الله أن إشكال النبطية حصل بسبب مطالب التجار وبعض الاهالي الذين يطالبون بفتح الطرق، ومعلنا رفض الاعتداء على اي متظاهر أو معتصم لكن ايضا نرفض قطع الطرق على الناس، مؤكدا أنه "لا يجوز بذريعة اننا نتظاهر بسبب الجوع، أن نجوِّع الناس معنا".
مما تقدم يبدو أن "مطالب" تجار النبطية أهم بكثير من مطالب الشعب الجائع والمتروك لمصيره، وعلى التجار في سائر المناطق أن يقفلوا أبواب متاجرهم ولا مشكلة طالما أن تجار النبطية وبنت جبيل وغيرهما مرتاحون لوعود من قرر أن يقمع الناس في حادثة أقرب ما تكون إلى "غزوة" أقعدت فتى في العناية المركزة بين الموت والحياة، ودفعت عضو مجلس بلدية النبطية وليد غندور إلى الإستقالة، فكتب على صفحته في "فيسبوك": "إنسجاما مع قناعاتتي واحتراما للثورة وعروس الثورة مدينة النبطية، واستنكارا للإعتداء الهمجي الذي وقع علينا اليوم (أمس)، أعلن استقالتي من عضوية المجلس البلدي في النبطية الفوقا"!