تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- اكرم كمال سريوي
سقطت ورقة االرئيس الحريري الإصلاحية، بعد ان رفضها الشعب، واعترض عليها قسم من القوى السياسية المشاركة في الحكومة. وسقطت امكانية استخدام الجيش لقمع المتظاهرين، فلا يمكن للجيش ان يكون عدواً للشعب، فهو في الأصل من هذا الشعب المنتفض، ولقد اتخذت قيادته قراراً حكيماً، بحماية المتظاهرين ومنع الفتنة التي حاول ويحاول البعض جر البلاد اليها، واذا فعل عكس ذلك يصبح جيشاً ضد الشعب، وليس للشعب والوطن .
لقد قرر المتظاهرون استمرار الاعتصامات بشكل حضاري سلمي، وقالوا كلمتهم لمن يهدد: سنواجه رصاصكم بصدور عارية، وسنواجه تهديداتكم وغروركم وطغيانكم بالكلمة الحرة، والصوت الصارخ للحرية .
لقد اعلنها الشعب ثورة ثائر، لن تقبل بأقل من إسقاط منظومة الفساد، ومحاسبة المسؤولين عنها، وإصلاح حقيقي في نظامنا السياسي، كما نص عليه الدستور في اتفاق الطائف، هذه الإصلاحات التي جرى الالتفاف عليها، وتجميد مفاعيلها، بل والتنكر لها.
لقد اثبت اللبنانيون اليوم، انهم يريدون دولة، تحفظ حقوق المواطن، وتُطبّق العدالة والمساواة، دولة علمانية، تجمع الشعب ولا تفرقه مذاهب وطوائف، فلقد سقط الطائفيون وخطاباتهم النتنة، وانتصرت الوطنية على الطائفية، فلا للمدعين الحفاظ على حقوق هذه الطائفة او تلك، فهم فقط يأخذون طوائفهم رهينة تسلطهم، ومطية لتحقيق مأرب شخصية، تدعم بقاءهم في السلطة.
لا يريد المتظاهرون احراق لبنان، كما يهدد بعض من في السلطة، ولهذا ردوا بالاعتراض السلمي، ويطالبون بتطبيق الدستور والقانون، ومحاكمة سارقي المال العام، وتنحي من فشل في إدارة الدولة، ولم يحقق اي اصلاح حقيقي، رغم كثرة الوعود التي قدمها للبنانيين.
نحلم بلبنان منارة للشرق والعالم وهذا حق كل مواطن، فالوضع السيء الذي وصلنا اليه، ليس بسبب تخلف شعبنا او تدني مستواه، عن مستوى باقي شعوب الدول المتقدمة، بل بسبب فساد حكامنا وجشعهم، وعقولهم الطائفية المريضة، وهذا يعرفه من هم في السلطة الآن ويعرفون ان الشعب يعرف ذلك ايضاً .
لسنا نرجسيين، ولن تسقط الثورة في الحلم، ويمكن القبول بالممكن، نظراً لدقة الوضع المالي والاقتصادي، وحساسية ودقة الوضع القائم، وعدم الرغبة في القفز الى المجهول، فلا يمكن للثورة ان تُسقط في طريقها الوطن . ولكن لا يمكن التراجع والعودة بخفّي حُنين، فاذا لاقى السياسيون الشعب في وسط الطريق، نجد المخرج المناسب، ولهذا لا بد من إسقاط رموز الفساد والطغيان، فهذه الحكومة لا يمكنها ان تستمر بشكلها الحالي، ولا بد من اجراء تعديل وزاري .
واهم خطوات الحل، هي تشكيل لجنة للبدء بتنفيذ الإصلاحات التي نص عليها اتفاق الطائف، واولها الغاء الطائفية السياسية، وإقرار قانون انتخابي على أساس النسبية، خارج القيد الطائفي، واقرار قانون الإثراء غير المشروع، وقانون استعادة الأموال المنهوبة، والبدء بالتنفيذ الفوري. وعلى الحكومة ان تُصدر قراراً، بمنع تحويل أموال السياسيين، وكبار التجار، وكبار الموظفين، ومنعهم من الهرب. وكذلك لا بد من اتخاذ قرارات حاسمة، لمنع الهدر، في الكهرباء، والتلزيمات، والمناقصات، ووقف كافة أشكال السمسرات، او اي بيع لأملاك الدولة.
لو كانت هذه التظاهرات في بلد غير لبنان، لسقط النظام في غضون ايام. اما ونحن في مأزق العصبيات، وما نشهده من محاولات مؤسفة لقمع المتظاهرين، في بعض المناطق، كالنبطية والمتن، من قبل بعض القوى السياسية، فهي غير مجدية. وفي الحقيقة، لن تتمكن من اسكات اللبنانيين، ولن تُرهب هذا الشعب، بل ستزيده عناداً وإصراراً، وكان حري بمن يدّعي الحرص على الوطن والإصلاح، ان يقف الى جانب مطالب هذا الشعب، وليس اللجؤ الى التهديد والوعيد، على طريقة هيملر، وقوات الجيستابو. فاللبنانيون يريدون دولة حقيقية، عادلة وقوية وقادرة، تسعى لخير هذا الوطن، ولا تُسخره لخدمة أغراض خاصة، او مشاريع إقليمية، يدفع اللبناني ثمنها، من حياته وجيبه ومستقبله .