تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
– أنور عقل ضو
أخرجت الحكومة الأرنب من القبعة بمهارة ساحر مبتدىء، فتحققت المعجزة بعد ثلاثين سنة قاحلة، والغريب كيف تعثر الإصلاح ثلاثة عقود وصار ممكنا بعد أقل من اثنين وسبعين ساعة، الأمر مثير الدهشة فعلا، ولا شك أن ثمة سحرا أسود كان يكبل الدولة، وإلا كيف لعاقل أن يفسر هذه الظاهرة غير الخاضعة لمنطق العقل بعيدا من الشعوذة السياسية بامتياز خطَّته السلطة بحبر الندم التنفيسي، فمن يصدق وعودا سابقة يصدق وعود اليوم؟ وكأن المشكلة متصلة فقط بأرقام وموازنات وهدر ومال منهوب، لا بسلطة تحاصصت فـ "تشردقت" وجاع الناس.
ما يدعو للغرابة بداهة، كيف تم إشراك المصارف – وبسحر ساحر أيضا – لتكون جزءا من الحل في ورقة إصلاحية تم إقرارها بكامل بنودها معطوفة على موازنة العام 2020، وكيف تم تصفير العجز، وهنا تجلى "السحر الأسود" أيضا وبـ "حنكة وبراعة" قل نظيرهما مع عودة المليارات لترفد وتدعم قروض الإسكان، أما العجب العجاب فتجلى بـ "تضحية" الوزراء والنواب بخمسين بالمئة من رواتبهم، خصوصا وأن المواطنين بدأت تساورهم مخاوف من ألا يتمكن المسؤول من تأمين لقمة العيش، ناهيك عن الخدم والحشم والعطايا والتقديمات والسفر من حساب المواطن.
أما إلغاء وزارة الإعلام فستترتب عليه تبعات "خطيرة" إعلاميا ووطنيا، لكن ما طمأن اللبنانيين أن أحدا لم يمس بمصلحة سكة الحديد، ولن تتأثر حركة القطارات الفوقية ولا تلك القائمة تحت الأنفاق، والأهم ضمان الشيخوخة، فبعد اليوم لن يبكي مسن عاجز على أعتاب زعيم ومدخل مستشفى.
من يوقف هذا "السيرك"؟ وكيف لسياسات الـ Acrobat أن تسلك طريقها إلى التنفيذ؟ وهل ثمة عاقل واحد يصدق وعود طبقة سياسية فشلت طوال ثلاثين سنة في تحقيق الإصلاح المنشود وعززت فشلها أكثر في مَا وصلت إليه البلاد مؤخرا؟ وهل ينسى الناس وعودا سبقت؟
لم تدرك السلطة إلى الآن أن المشكلة تظل متمثلة بحضورها التحاصصي، وبما تنتج من فساد يومي، فما نفع كل هذه الإصلاحات طالما أن "المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء" هو صنيعة السلطة عينها، والهدف من إنشائه توفير حصانة للسياسيين لا محاسبتهم، فهل ثمة مسؤول واحد حوكم؟ أم أن الكل متمسك بامتيازات طائفته تحميه عند الضرورة وتمنع مسؤولا من شرب فنجان قهوة لدى أحد القضاة؟
كل ما تم التوصل إليه تحت ضغط الشارع ليس بأكثر من مقررات الهدف منها "تنفيسي" في محاولة كي تنفذ السلطة من مأزق وتمنع سقوطها، وجميعها مقررات مع وقف التنفيذ، نعم السلطة خافت فتراجعت ارتعبت فتنازلت، ولكن لم يعد الإصلاح هو المطلوب اليوم وإنما التغيير، وتخطي ذهنية الإقطاع السياسي والمالي الناهب للبلد وخيراته وثرواته!