تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
– محرر الشؤون المحلية
مواقف "قوى الأزمة" منذ اندلاع الاحتجاجات والتظاهرات في بيروت وسائر المناطق اللبنانية، تؤكد أن بينها من يعيش في كوكب آخر، ولا يدرك أن طروحاته تخطتها الأحداث والتطورات الأخيرة، وأن الموضوع لم يعد إقرار موازنة وتحقيق الإصلاح ومحاربة فساد ولملمة الوضع الاقتصادي والمالي، خصوصا وأن السؤال الملح اليوم - استقالت الحكومة أم لم تستقل - يظل متمثلا في رسم معالم مرحلة جديدة بعيدا من الحكومة الحالية بسائر قواها ومكوناتها، حتى ولو توقفت الاحتجاجات فسيظل هذا السؤال المدخل الحقيقي لأي إصلاح لاحقا، خصوصا وأن المرحلة حرقت كل الأوراق، ولن تصطلح الأمور بغير انتخابات نيابية جديدة تكون مدخلا تأسيسيا لما بعد السلطة الحالية.
لقد وضع حراك الشارع وانتفاضته السلطة أمام خيارين لا ثالث لهما، إما تلقف مطالب الناس وإما الإنهيار الكامل، وإذا كان ثمة من في السلطة يظن أنه قادر على "شراء الوقت" فهذه لعبة دونها أخطار كبيرة، فقد نقلت "رويترز" أمس أن سندات لبنان الدولارية تلقّت ضربة قد تستتبعها ضربات أخرى، إذ سجلت انخفاضاً بلغ نحو 1.9 سنتاً، وهذا يعني تكبد سندات استحقاق 2025 أكبر انخفاض في شهرين لتتراجع إلى 67.09 سنتاً للدولار وفق بيانات "تريدويب"، هذا في الاقتصاد وفي التداعيات المتوقعة على مجمل القطاعات التجارية والصناعية والمالية وغيرها، أما في السياسة فثمة مخاوف أكبر، و"شراء الوقت" يفضي إلى تصعيد أكبر ورفع المطالب أكثر، وإذا كان اللبنانيون في نزولهم إلى الشارع قد حددوا هدفين رئيسين، إستقالة الحكومة وتشكيل حكومة تكنوقراط بعيدا من منطق التقاسم والمحاصصة، فلن يكتفوا بهذين الهدفين فيما لو تطورت الأمور دراماتيكيا.
ويأتي الحديث عن تفاهم ضمني بين بين " حزب الله " و" التيار الوطني الحر " ورئيس الحكومة سعد الحريري و"حزب الله" ليقدم تفسيرا حيال مهلة الـ 72 ساعة التي أعطاها الحريري لاتخاذ قراره، وهنا يتبدى الجانب والخطير لما قد تنحو في اتجاهه الأمور على وقع صخب الشارع، ذلك أن الأمور تظل رهن التطورات، وما قد تفرض من معطيات ومتغيرات.
حتى الآن لم تدرك السلطة السياسية أن أي تسوية من هذا النوع قد تجاوزها حراك الشارع، لا سيما وأن مطالب الناس تخطت كل الحسابات السياسية، وإذا ما استمرت الأوضاع على غليانها فالعهد في دائرة الخطر المعنوي على الأقل، خصوصا وأنه لم تكن ثمة مقاربات جديدة وسريعة للأزمة المنفجرة، لا بل في مكان ما كانت ثمة مكابرة لن تفضي لغير التصعيد، ما يبقى الأوضاع مرهونة بأوقاتها ساعة بساعة ولحظة بلحظة، لا سيما وأن الشارع تجاوز السلطة، لكن ماذا بعد؟!