تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
" – محرر الشؤون الإقتصادية
شريحة كبيرة من اللبنانيين تؤمن أدوية الأمراض المزمنة من سوريا، وتوفر ما بين 70 و90 بالمئة من ثمنها، بعض المواطنين يقصدون الشام خصيصا لشرائها، وبعضهم الآخر يؤمنونها عبر مواطنين أو عمال سوريين، فيما تنشط تجارة هذه الأدوية في بعض المناطق وبطرق ووسائل مختلفة، ولنعط مثالا حسيا، أحد أدوية مرض السكري من نوع Forxiga ثمنه في الصيدليات اللبنانية ما بين 90 و100 ألف ليرة فيما يباع في سوريا بعشرة آلاف ليرة وربما أقل، صحيح أن الدواء "جينيريك" وصناعة سورية لكنه لا يختلف بتركيبته عن الدواء الأصلي، وهو بنفس الجودة والفعالية، وهذا نوع واحد فيما عشرات ومئات الأنواع يلجأ المواطنون لتأمينها من دمشق والمدن السورية.
بعض المواطنين يقصدون بعض المخيمات الفلسطينية حيث ثمة نازحون سوريون لتوفير الأدوية المزمنة وتلك التي يشق عليهم شراؤها من الصيدليات اللبنانية، فيما قطاع الدواء اللبناني أقرب ما يكون إلى "مغارة علي بابا"، والمفارقة أن ثمة أكثر من ستة آلاف نوع من الأدوية يمكن تقليصها لنحو خمسمئة نوع، لكن التجارة بصحة الناس مربحة، خصوصا وأن ثمة حلقة تعاون "جهنمية" بين بعض الأطباء وشركات الأدوية المستوردة، وهذه الأمور معروفة للقاصي والداني ولوزارة الصحة أيضا، والطبيب الذي يصف دواء بعينه تغدق الشركات عليه عطايا وتقديمات ومشاركات في مؤتمرات دوائية "سياحية"!
صحيح أن وزارة الصحة تتشدد في مراقبة نوعية الدواء، لكن من ينظم هذا السوق لصالح المستهلك، أي المريض؟ ولماذا لم تقرب الحكومات المتعاقبة هذا الملف بما يخفف من الفاتورة الدوائية على المواطنين؟
هنا تجدر الإشارة إلى أن ثمة "قطبة مخفية" تظل متمثلة في عدم إقدام الدولة على تفعيل "المكتب الوطني للدواء"، خصوصا وأن شركات إحتكار الأدوية تسيطر على نحو 90 بالمئة من السوق اللبناني، وهذا ما يحول دون تكريس سياسة دوائية رشيدة تقوم على تأمين ما يحتاجه لبنان من أدوية بأسعار منطقية ورقابة مستمرة، إذ من غير المنطقي وجود أكثر من 7000 دواء مسجل في لبنان، فيما لا تتعدى لائحة الدواء في بريطانيا وفرنسا 800 دواء، لكن من في مقدوره الدخول إلى "مغارة علي بابا الدواء"؟
سؤال لا يمكن فصله عن معركة مكافحة الفساد المفترض أنها بدأت دون أن نلمس ما يشي بأنها ستطاول ملفا عنوانه المتاجرة بصحة المواطنين، ويبدو أن مافيات الدواء وفي مكان أقوى من الدولة!