تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
– أنور عقل ضو
عندما يشوب العمل النقابي التسرع والإرتجال، تصبح المطالب المحقة في مهب الفوضى وضائعة وسط طوابير الذل والفساد، وعندها تصبح النقابات، أو بعضها، صِنو السلطة في مَا تمارس من حماقة وغباء، فيما الضغط على الدولة لا يتحقق عبر الإنتقام من الناس، ولا يمكن إيصال الرسائل باستساغة آلامهم وقد اكتووا بنار الأزمات، اليوم محطات المحروقات وغدا الأفران، وبعد غد ننتظم جميعا في طابور، نحن الذين لم نعتد على النظام إلا في حاضرة الكوارث.
جاء بالأمس قرار "نقابة أصحاب المحروقات" بالتوقف القسري الفوري عن بيع المحروقات، ليصوِّبَ خراطيم البنزين على رؤوس المواطنين، وفيه الكثير من التشفي بحق الناس، وكنا نمني النفس بصدور قرار هادئ وعقلاني، يدعو للإضراب والتظاهر في وقت محدد، أما من "الباب للطاقة"، فيبدو أن أعضاء النقابة فقدوا أعصابهم وضلوا الطريق بين معاقبة الدولة ومعاقبة المواطنين، أما الإقفال "القسري والفوري" فجاء نتاج سوء تقدير، وعندما يكون المواطن هو المستهدف فهذا يعني أن على سائر القطاعات تجديد شبابها نقايبا على الأقل، خصوصا وأن ليس ثمة نقابات بالمعنى المتعارف عليه في لبنان، وبعض رؤساء النقابات ما زالوا في مواقعهم منذ الحرب الأهلية، فضلا عن أن النقابات بوجه عام محكومة بتوجهات الرئيس الدائم، فيما الأطر الديموقراطية الداخلية ليست بأكثر من ديكور، لزوم تجديد الترخيص كما هو حال القطاع الأهلي من جمعيات وأندية.
واقع النقابات المتشظي لا يعفي الدولة من مسؤولياتها، فهي المسؤولة أولا وآخرا عما آلت إليه الأوضاع المعيشية والاقتصادية، وكان الأجدر بنقابة أصحاب محطات المحروقات أن تعلن يوم الإثنين المقبل على سبيل المثال إضرابا عاما، وكانت بذلك أوصلت صوتها، وحالت في الوقت عينه دون أن "يتبهدل" الناس أمام أبواب محطاتها، وهذه سقطة لمن يريدون إقناعنا أنهم ملائكة فيما هم ليسوا بأكثر من تجار، وهم أذلوا بالأمس الناس وأكدوا أنهم وقود الأزمات الحقيقي، أما الظروف "الطارئة" فكان من المفترض تحميلها للدولة والحكومة لا المواطن الأعزل إلا من خزان وقود فارغ في سيارته.
وهكذا فاجأت نقابة أصحاب محطات المحروقات اللبنانيين مجددا بقرار الإضراب "العفوي"! ما تسبب بزحمة اصطف فيها المواطنون في طوابير للحصول على البنزين، وأرادت أن توصل رسالة للسلطة السياسية من خلال جعل الناس يتهافتون على شراء المحروقات، وكأن ثمة من يصر على سكب البنزين فوق نيران الأزمة، والمحترق الوحيد هو المواطن الواقع بين مطرقة التجار وسندان الدولة، وسيتكرر المشهد أمام الافران، خصوصا وأن الدولة في حدود بعيدة استقالت من مهام استيراد النفط والقمح ومعهما الدواء.