تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
– محرر الشؤون الاقتصادية
الحديث عن إمكانية جذب استثمارات جديدة إلى لبنان لا يتخطى حدود التمنيات في لحظة تراجع وتأزم، أما تصوير ما شهدناه من لقاءات جمعت مسؤولين لبنانيين وخليجيين على أنه "إنجاز" يمكن أن يتحقق لمجرد أن جال مسؤولون على دول خليجية والتقى مسؤوليها وبحث معهم أمورا "ذات اهتمام مشترك"، فذلك ليس بأكثر من محاولة لبث جرعة أمل ضرورية وملحة، وكذلك إشاعة أجواء التفاؤل، وهذا جيد، لا بل ومهم أيضا، ولكن يظل أقل بكثير مما هو مطلوب، فالمشكلة لم تكن يوما مع المستثمرين وأصحاب الرساميل، فلتصطلح أوضاع البلد أولا، وعندها يتوافد المستثمرون دون الحاجة إلى حثهم على المجيء للإستثمار أو للسياحة.
تاليا، تبقى دعوة المستثمرين لتوظيف أموالهم أولوية سياسية واقتصادية، لكن لا يمكن أن تكون مثل هذه الدعوة مرتجلة لا تستند إلى حد أدنى من العناصر المطلوبة لتوفير مناخ إستثماري في حدوده الدنيا وبأقل الإيمان، وأول هذه العناصر الاستقرار السياسي، بمعنى عدم تعطيل البلد عند كل استحقاق، ومن ثم تحرير القضاء من سلطة ووصاية بعض السياسيين، فمن يمكن أن يبادر لتوظيف ملايين الدولارات في ظل حال الفساد المستشري؟ ومن ثم ألم يكتوي المستثمرون بالفساد عينه في مراحل سابقة قبل نحو خمس عشرة سنة؟ وماذا حل باستثمارات سابقة؟ ولماذا هرب الرأسمال العربي والخليجي خصوصا إلى دول أوروبية؟
وأيضا، إن توفير الظروف المؤاتية للاستثمار وجذب رؤوس الأموال يفترض توافر البنى التحتية الضرورية، من خدمات ومرافق، فيما اللبنانيون موعودون اليوم بفترات قاسية من تقنين الكهرباء، وثمة مخاوف من أن تتراجع التغذية بمعدل الثلثين بالمقارنة مع ما نحن عليه اليوم، وهذا يعني أن على اللبنانيين أن يتكبدوا مصاريف جديدة لصالح أصحاب المولدات الخاصة، إذ يقدر خبراء أن تزداد فاتورة المولدت بنحو 70 دولارا في الشهر كمعدل وسطي، ناهيك عن سائر المرافق.
قبل سنوات قليلة اضطر فندق في مناطق الاصطياف تابع لشبكة فنادق خليجية لشراء المياه بواسطة الصهاريج، بكلفة وصلت إلى عشرين مليون ليرة في شهر واحد، ولا نتحدث هنا عن الروتين الإداري، وهذه مشكلة طالما واجهت المستثمرين ومنهم من صرف النظر عن صرف أمواله في مشاريع تأكد في مَا بعد أنها غير مجدية مع انعدام الاستقرار وتراجع قطاع السياحة والخدمات.
ومن هنا، تبقى دعوة المستثمرين لتوظيف أموالهم في لبنان ضرورية ومهمة، لكن شريطة أن يواكبها عمل دؤوب في مجال الإصلاح ولو على مقاس ما حدده "سيدر، ولم يتحقق منه شيء إلى الآن، وفي كل الأحوال، على المسؤولين أن يدركوا بأن لا استثمارات دون إصلاح!