تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
كيف يمكن أن يدرك بعض المسؤولين في لبنان أنهم موظفون يتقاضون رواتب ومخصصات، شأنهم في ذلك شأن أي موظف، وألا حصانة تمنع استجوابهم في قضايا مالية وإدارية عامة؟ وتاليا، من بإمكانه أن يقنعَ وزيرا، أي وزير، أو مديرا عاما ورئيس مصلحة أنه موظف يخضع للمحاسبة والمساءلة وليس فوق رأسه ريشة؟ وهل أن الوزراء على سبيل المثال محميون من طوائف تضع خطوطا حمراء ساعة تشاء؟ وإن أصبح ذلك "مُسلَّمة" و"عُرفاً" فكيف يمكن أن ينهض لبنان متجاوزا عثراته؟
بالأمس استدعى النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم آخر ثلاثة وزراء اتصال، بينهم الوزير الحالي محمد شقير والسابق جمال الجراح والأسبق بطرس حرب، غير أن شقير والجراح رفضا المثول أمام القاضي إبراهيم وشنا هجوما نسف كل جهود الدولة لمعالجة أسباب الهدر، أما الوزير الأسبق بطرس حرب فلبى، لا بل ورغم ما أبدى من ملاحظات، قال "لقد شرفني تلبية دعوة النائب العام المالي لتوضيح ما جرى ويجري في وزارة الاتصالات من مخالفات وفساد وصفقات لإيماني باستقلالية السلطة القضائية عن السلطة السياسية واحتراما مني للقانون وإسهاما مني بكشف الهدر والفساد ومرتكبيه".
في مقاربة أولية لهذا الموضوع ثمة العديد من الملاحظات، أهمها أنه حتى الآن ممنوع أن نبدأ من مكان ما لمواجهة الفساد، ولا نتقصد الوزيرين شقير والجراح، والقضية أبعد من وزيرين، خصوصا وأن كل وزارة غدت في ظل الفساد المستشري منذ عقود "مغارة علي بابا"، وتالياً، إذا انطلقت المحاسبة والمساءلة، فلن يكون أي فريق سياسي بعيدا من المساءلة، بدليل أن الوزير حرب ساق مجموعة من الملاحظات تناول فيها عهد الوزير نقولا صحناوي، لافتا إلى أنه تم "نقل المصاريف التشغيلية التي كانت على عاتق الشركتين (تاتش وألفا) إلى عاتق وزارة الاتصالات، ما سمح للوزير المختص بفرض توظيف مئات الموظفين والمحاسيب في هذه الشركات، وتقرير حجم هذه المصاريف ونوعها وهدفها، ما تسبب بانفلات الأمور وإخضاعها للاعتبارات السياسية والحزبية".
مواجهة الفساد لا تعني أن ثمة فريقا سياسيا متهما، لكن في المقابل أيضا لا أحد فوق القانون، والمطلوب من رئيس الحكومة سعد الحريري موقفا واضحا في هذا المجال، خصوصا وأن الوزيرين الجراح وشقير محسوبان عليه، وإلا سنكون أمام فضيحة أشد من الفساد وقعا، والخوف كل الخوف أن يحتمي الوزراء بزعمائهم، وعندها نصل إلى شخصنة القضايا وكل فساد وأنتم بخير!
الآن ثمة مشكلة، فإذا تم طي هذا الملف فسنكون أمام واقع جديد يمكن معه أن ننعى كل محاولة لتصحيح واقع الإدارات والوزارات، علما أنه ستكون لهذا الأمر انعكاسات على مجمل الواقع السياسي في البلد.