تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- اكرم كمال سريوي
لا يختلف اثنان انه من اهم عوامل استقرار الوضع النقدي، هي ثقة المواطنين بعملتهم ودولتهم. وعندما يدب الهلع، تنفجر الأزمات والتداعيات بشكل متتالي.
بعد ان ساهم بعض المسؤولين وربما عن غير قصد، وبعد ان اصبح لدينا آلآلاف من مدّعي الخبرة الاقتصادية التواقين الى الظهور والشهرة، على وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي، بدأ الخوف والقلق يتسرب الى عقول المواطنين، فراحوا يسعون الى تحويل ما لديهم من اموال الى دولار .
وجد الصرافون فرصة سانحة للمضاربة وتحقيق الربح، ورفعوا سعر الدولار. وجاء تحرك الدولة خجولاً، وامتنعت عن تطبيق القانون بحقهم، رغم علم الجميع بخطورة هذه المضاربات وانعاكاساتها على السوق المالية .
يحاول مصرف لبنان الحد من عمليات تحويل الودائع لدى البنوك، فمنع تحويل اية وديعة قبل تاريخ استحقاقها، ثم وضع مبلغاً محدداً من الدولارات بتصرف كل بنك. ورغم انه تمكن جزئياً من ضبط عمليات التحويل، إِلَّا ان هذه الخطوة كان لها انعكاساً سلبياً لدى المودعين وغيرهم من المواطنين، الذين ارتابوا في امتناع البنوك عن تلبية طلباتهم، وسرت الإشاعات عن قرب موعد التدهور الاقتصادي، وانفلات سعر الصرف .
لو تصرفت الدولة بحزم مع الصيارفة، لما حدثت هذه البلبلة في السوق المالية. وتوقّع الجميع، بعد إضراب اصحاب محطات المحروقات المُحق، أن الدولة ستتحرك، لكنها لم تفعل شيئاً ولم تُحرك ساكناً. ورغم كل مايُحكى عن أزمة اقتصادية، فأن الموجودات لدى مصرف لبنان تبلغ 43,2 مليار دولار، اضافة الى اكثر من 12 مليار دولار لدى المصارف، يضاف اليها احتياط ذهبي بقيمة 11,2مليار دولار، وهناك مبالغ قادمة من الودائع والاستثمارات، وهذه طبعاً مبالغ كافية لحماية الليرة اللبنانية ، شرط ان تترافق مع إجراءات قانونية حاسمة بحق المضاربين، وأولئك الذين يبثون الشائعات عن انهيار اقتصادي قريب .
على المسؤولين أولاً ، ووسائل الاعلام ثانياً، وكل الوطنيين المخلصين، ان يقفوا في مواجهة حرب الشائعات، التي يبثها بعض المغرضين، للنيل من لبنان وشعبه واقتصاده. إنّها حربٌ خطرة، تحتاج الى تظافر جهود كافة القوى السياسية أولاً، وكافة فئات الشعب، وإن لبنان قادرٌ على الانتصار، وإلّا سندفع ثمن سياسات خاطئة، ودعايات مغرضة .
لا بد ان تحزم الدولة امرها، فغير صحيح ان الانهيار حتمي، وان لا حلول للازمة الاقتصادية. فقط نحتاج الى إجراءات حاسمة، وان نتلقف الدعم الدولي للبنان، وسيكون لبنان بالف خير. ولا خوف على الليرة، وعلينا أن نُدرك أن الخطر الأكبر، هو من الفاسدين والسارقين والهادرين للمال العام، ومن أبواق تبث التشاؤم والإشاعات الرخيصة، ومن عصابات تحاول ابتزاز المصارف اللبنانية، وتسعى لسحب ودائع عراقية، بأوراق مزورة وأرقام حسابات وهمية، وكلها يجب وضع حدٍ لها بشكل سريع وصارم .