تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
– قسم الإقتصاد
تدرك السلطة السياسية في لبنان أنها أمام امتحان اقتصادي جدي وصعب، وتدرك أكثر أن الوقت بدأ يضيق بين تسريع الإصلاحات المطلوبة أبعد من مؤتمر "سيدر" أو بداية الإنهيار، وإن لم تتمكن من إحداث صدمة اقتصادية إيجابية في فترة زمنية قصيرة فلن يكون بمقدور مصرف لبنان الحفاظ على استقرار الليرة، وهو يواجه اليوم مصاعب جمة وسط سعيه الحثيث للحؤول دون تراجع قيمة النقد الوطني أمام الدولار الأميركي، وفي ظل مخاوف ساهمت في تزايد الطلب على العملة الأجنبية، وهذا نذير أزمة مالية بدأت تلوح في الأفق، وهي نتاج أداء السلطة وصراعاتها، وقد تسببت في تعثر الاقتصاد مع غياب الاستقرار السياسي وعدم القدرة على حل المشكلات الكثيرة من الكهرباء إلى سائر قطاعات الدولة.
ما يشهده لبنان اليوم، يشي بمخاوف كبيرة، فالتخبط في سوق المال مرده إلى شح الدولار من السوق وارتفاع سعره بأكثر من السعر الرسمي لدى الصيارفة، فيما تراجعت قدرة مصرف لبنان على التدخل لإعادة الاستقرار النقدي الذي طالما تغنى به المسؤولون في الدولة من حيث ثبات سعر صرف الليرة اللبنانية، علما أن كل المؤشرات السابقة كانت تؤكد أن لبنان ماضٍ نحو أزمة مالية، إذ من الصعب السيطرة على السوق المالية دون اقتصاد نشط وحركة استثمارات واسعة، وهذا ما بدأت تدركه السلطة اليوم، وهذا ما حذر منه بالأمس رئيس الحكومة سعد الحريري، واستدعى تحركا أكثر من مرة من قبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، خصوصا في دعوته الهيئات الاقتصادية لمعالجة الأزمة المتوقعة.
ومن الطبيعي أن تزداد الضغوط، وأولى بوادرها تمثل في تهديد أصحاب محطات المحروقات والصهاريج ودعوتهم إلى الاضراب بسبب فارق سعر الدولار، ما يعني أنه في حال تنفيذ الاضراب المتوقع يوم الخميس كما هو مقرر، فسيشهد لبنان بداية أزمة محروقات حادة، فضلا عن ارتفاع أسعار المشتقات النفطية عالميا جراء استهداف منشآت "أرامكو" في السعودية.
وبحسب خبراء اقتصاديين ومصرفيين، فإن البنك المركزي يتخذ بعض الإجراءات من أجل زيادة احتياطه من الدولار الأميركي، ما يدفعه ومعه المصارف الخاصة إلى عدم ضخ كميات من هذه العملة، فهل سينجح قريبا في إيجاد آلية طبيعية لضبط حركة السوق؟
حيال ذلك، سيكون مصرف لبنان مضطرا حاليا للاستمرار في إجراءاته، ولو مؤقتا، إلى حين بدء تنفيذ الاصلاحات المالية والاقتصادية في الموازنات المقبلة، وبحسب الخبراء الإقتصاديين أيضا، فقد تمكن مصرف لبنان من جمع نحو مليار و800 مليون دولار من مصارف أجنبية وبفوائد مرتفعة نسبيا لزيادة احتياطه من خلال عدم صرف مليارات الدولارات على عجز الكهرباء وكلفة الدين العام خلال العام الحالي، وأصدر في هذا المجال سلسلة تعاميم لمنع المضاربة على الليرة، وقرر تخصيص كل مصرف بنسبة معينة من الدولار لمنع التفلت في تحويل الليرة الى دولار.
ما عادت المكابرة تجدي، والتحدي اليوم يبقى متمثلا في ضرورة المضي قدما بتحقيق الإصلاحات وإلا فانهيار الليرة على الأبواب!