تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
– محرر قسم الشؤون العربية والدولية
تخاض الحروب لأهداف السيطرة والتوسع، وتكون غالبا متسترة بعناوين دينية وعرقية واقتصادية وأحيانا "إلهية"، وفي كل حرب تفرض تطورات الميدان حضورها في رسم ملامح ما بعد صمت قرقعة السلاح، الخاسر يخسر كل شيء والرابح يكسب كل شيء، وفوق ذلك يكتب التاريخ وفق ما تمليه مصالحه، أما إذا استمرت الحرب سجالا، فإن الميدان أيضا يفرض معطياته، وهذا ما يصح عملانيا على حرب اليمن، فالمملكة العربية السعودية بتزعمها التحالف العربي لم تحقق طوال أربع سنوات ونيف الهدف الذي من أجله أعلنت الحرب، أي ما تعتبره "حماية حديقتها الخلفية من التغلغل الإيراني".
هذا المعطى يعني واقعيا أن السعودية هُزمت، وهذا المطلوب أميركيا، ربما يفاجأ ويعجب كثيرون كيف أن الولايات المتحدة غير راغبة في نصرة حليفتها، لكن يبطل العجب عندما نعلم أن مصلحة أميركا أن تكون ثمة "فزاعة" في منطق الخليج، لابتزاز حلفائها أكثر، فضلا عن أن قطاع صناعة الأسلحة شهد ازدهارا مطلوب أميركيا.
لكن ما شهدته المنطقة من تطورات خطيرة مؤخرا، بعد الضربة اليمنية التي أصابت مصفاتي "بقيق" و"خريص" التابعتين لشركة "أرامكو" السعودية تخطى الخطوط الحمر الأميركية، ولا تزال تداعيات الهجوم على المنشأتين ماثلة، وسط اجتهادات وردود فعل متباينة، في وقت تتصدر الرواية الأميركية ما عداها من معطيات ومعلومات، إذ أشارت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية إلى أن واشنطن أبلغت الرياض أن المعلومات الاستخباراتية تفيد بأن إيران كانت مصدر الهجوم، وأكدت الصحيفة، نقلا عن مسؤولين أميركيين أن الاستخبارات تشير إلى أن إيران كانت قاعدة هذه العملية، وإن واشنطن أبلغت السعودية بهذه المعلومات، إذ يدرس الجانبان الرد على ذلك الهجوم.
لكن من جهة ثانية، أعلن الحوثيون مسؤوليتهم عن الهجوم، فيما نفت طهران علاقتها به، وشددت الخارجية الإيرانية أن اتهامات واشنطن لها "واهية ولا أساس لها من الصحة"، وأنها تشبه مخططا استخباراتيا لتشويه سمعة إيران كأرضية لإجراءات أخرى ضده، أما الرئيس الأميركي دونالد ترامب فقد شكك في النفي الإيراني، مؤكدا أنه بلده سيدعم حلفاءه في المنطقة.
في مطلق الأحوال، تمكن اليمنيون من تحريك الماء الراكد، والهجوم لا يمكن قراءته إلا بنتائجه، فقد تسبب بتوقف أكثر من نصف إنتاج المملكة من النفط الخام، وهذا يعني أن هجوم "أرامكو" طاول الشريان الحيوي لاقتصاد الولايات المتحدة، أما ما هي الخيارات الأميركية؟ فذلك هو السؤال الأهم الآن، علما أن واشنطن لا تملك سوى خيارين أحلاهما مر، المواجهة أو الرضوخ، لكن بالتأكيد تمكن اليمنيون من إيصال صوتهم مدويا في أرجاء العالم!