تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- اكرم كمال سريوي
ان تجعل منطقة نائية من العالم، مركزاً لاستقطاب الاستثمارات ورجال الاعمال، وان تجعل نسبة النمو الصناعي فيها تفوق 23%، وتخلق 39 الف فرصة عمل، في سنة واحدة، يكاد يكون هذا ضرباً من الخيال. في حين نعجز نحن، في اهم نقطة جغرافية في قلب العالم، وخلال ثلاثين سنة، عن تطوير صناعتنا، او تحقيق اي تقدم صناعي، او نمو اقتصادي، رغم صرف مبالغ طائلة، جعلت الدين العام في لبنان، يتجاوز المئة مليار دولار .
270 اتفاقية، بقيمة 3400 مليار روبل، اي ما يعادل 52,3 مليار دولار، تم توقيعها في منتدى الشرق الأقصى، الذي إقامته روسيا من 4 الى 6 ايلول الحالي، بزيادة بلغت 13% عن العام الفائت، وفقاً لما أعلنه رئيس اقليم الشرق الأقصى الفيدرالي، يوري تروتنف. وكان المنتدى قد شهد مشاركة واسعة من عدة دول، وشركات وشخصيات ورجال اعمال، تسابقوا جميعا، للحصول على مشاريع استثمارية، تدر عليهم الأرباح في المستقبل .
14,3 مليار روبل، للتنقيب عن الذهب، المتوافر بكميات جيدة في تلك المنطقة. ومليارات عديدة، لصناعة الميتانول، وإنتاج الغاز، وبناء سكك الحديد، وإقامة المصانع، وبناء الجامعات والمراكز العلمية، وصناعة سفن الصيد الحديثة، وإقامة مزارع الماشية، والمجمعات السياحية، ورياض الأطفال. ومشاريع اخرى متنوعة ومتعددة، في مدن القطب الشمالي والشرق الأقصى الروسي. كل ذلك فعله الرئيس فلادمير بوتين، في منطقة باردة ونائية من العالم، وعجز عنه حكام لبنان، ودول عدية في شرقنا العربي .
" لا يمكن تصور منظمة عالمية فاعلة من دون الصين والهند". بهذه الكلمات خاطب بوتين العالم، من الشرق الأقصى. فيما كان رئيس الوزراء الياباني، يدعو روسيا، الى اقامة السلام، وبناء مستقبل مشترك افضل بين شعبي البلدين. اما رئيس وزراء الهند، الذي خصص مبلغ مليار دولار، للمشاريع التنموية في منطقة الشرق الأقصى، وعقد صفقة شراء أسلحة بقيمة 14,3 مليار دولار، فقد عبّر عن عزمه، على زيادة التعاون مع روسيا، خاصة في مجال صناعة الاسلحة، وزيادة التبادل التجاري .
وبالطبع كانت الصين مشاركاً رئيسياً في المنتدى، فإليها سوف يتم تصدير المنتجات الزراعية، والحليب، والغاز والمعادن، والميتانول، وغيره. وهي الجار الأقرب، الذي يعاني أزمة الإعداد الضخمة من السكان، وزيادة الطلب على المواد الغذائية. وقد وجدت في الشرق الأقصى الروسي، متنفساً لأزماتها، ومجالاً رحباً للاستثمار، فبلغت حصتها اكثر من 75% من الاستثمارات الأجنبية .
نجحت روسيا في تحويل منطقة الشرق الأقصى القطبية، من عبء، الى مركز استقطاب دولي. ونجح الرئيس بوتن، في تحسين علاقاته مع دول الجوار، وفتح الأبواب امام تعاونٍ واسع، مع عدة دول في العالم، مُخرِجاً روسيا من حالة الركود والتراجع، ليفتح آفاق مستقبل زاهر لشعبه. بينما ما زلنا نحن نتخبط في أزمات الفساد، وغياب التخطيط، وسؤ الادارة، ونغرق في عجز اقتصادي، بات يهدد الدولة بالإفلاس والانهيار، وراحت حكومتنا خبط عشواء، تفرض الضرائب، وتُفتّش في جيوب المواطنين، لتمويل الخزينة العامة، بما يشبه نزاع الرمق الأخير، فهل لنا ان نتعلم من تجارب الآخرين؟ .