تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
فجأة بدأت تظهر مزاريب الهدر، من مزراب إلى آخر والدولة "آخر من يعلم"، أو الدولة تعلم وتغض النظر، لكن الآن بات من المستحيل السكوت عن واقع شاذ، عن هدر وفساد فيما الأزمة الاقتصادية تضيق خناقها أكثر من أي وقت مضى على أعناق اللبنانيين، والدولة بدورها ليست في منأى عن تداعيات وارتدادات كل ما نواجه من فضائح كانت حتى الأمس القريب مستترة بينما صارت اليوم على كل شفة ولسان، لتضع الجميع أمام مسؤولياتهم في لحظة فاصلة بين الصمود والانهيار.
وكان لافتا للانتباه أكثر من موقف لرئيس الحكومة سعد الحريري عقب قيامه بجولة على حرم مرفأ بيروت، طالبا - ردا على سؤال - أن "ينضب السياسيون"، وهذا ما يشي بأن الأمور بلغت حدا ما عاد في مقدور أحد التلطي خلف الإصبع، وما أشاع جوا من الارتياح تأكيد الحريري أنه على توافق مع "فخامة الرئيس ميشال عون والرئيس نبيه بري وكل الأفرقاء الآخرين وندرك أن علينا أن نقوم بإصلاحات".
وفي السياق عينه، كشف رئيس الحكومة من المرفأ أن لدينا نحو 150 موقعا للتهريب، هذا الرقم في بلد مثل لبنان، مساحة ومعابر حدودية، يثير الريبة والخوف، وهو يطابق ما سبق وأعلنه وزير المال علي حسن خليل في حزيران (يونيو) الماضي، من أنه لدينا 124 معبر تهريب، كما أن ما اعترف به الرئيس الحريري، دفعه إلى الإقرار بالقول: "كفانا ضحكا على أنفسنا. نحن لسنا بألف خير، وإن لم نغير من أنفسنا ومن طريقة عملنا فلن ننجح".
توازيا، وبالاستناد إلى الورقة التي قدم عبرها وزير الخارجية رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل رؤيته على طاولة الحوار الاقتصادي في بعبدا، فإن لبنان ليس في حاجة الى صدمة كهربائية ولا إلى عملية جراحية وحسب، بل إلى صدمة يقظة من الموت، هذا ما تضمنته الورقة، فضلا عن مطالبة باسيل الجميع بإلغاء مكامن الهدر في صندوقي مجلس الجنوب والمهجرين ومرفأ بيروت وأوجيرو وغيرها.
كل ذلك لا يطمئن إن لم تكن ثمة صحوة سريعة، تقود إلى محاصرة الفاسدين والتصدي لمكامن الهدر وإبعاد سلطة الطوائف عن مرافق الدولة، وطالما أن أحدا لم يسمِّ فاسدا واحدا فلا أمل يُرتجى، حتى بات السؤال الملح اليوم، من يحمي الفاسدين؟ ولا نتحدث هنا عن مخلصي المعاملات وجماعة الـ 50 أو الـ 100 ألف، وإنما عمّن يدعم ويحمي ويغطي، وتاليا من يتحدث عن الفساد بعد اليوم عليه أن يسلم الفاسدين، وإلا سيضطر الناس لرفع شعار طرحه اليوم الرئيس الحريري، ولسان حالهم "روحوا انضبوا"!