تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
ورقة عمل من اثنتي عشرة صفحة تصدرها شعار وزارة الاقتصاد، وحملت عنوان "مقترحات وإجراءات إصلاحية أولية لمواجهة الأزمة"، أقرب ما تكون إلى خارطة طريق تم اعتمادها من على طاولة الحوار الإقتصادي في قصر بعبدا، توازيا مع تشكيل هيئة طوارئ اقتصادية يدعو إلى انعقادها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عندما تكون ثمة حاجة وضرورة، ومن ثم تكليف رئيس الحكومة سعد الحريري عرض ما جرى الاتفاق عليه مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء.
بغض النظر عما تناولته الورقة من نقاط وتوجهات، سلبا أم إيجابا، تملكتنا بعض المخاوف حين نظرنا إلى وجوه المجتمعين، وهم غير المجتمعين على أفكار وتوجهات واحدة في السياسة حتى وإن جمعتهم طاولة واحدة، خصوصا وأن ثمة بينهم ما صنع الحداد، لا بل هناك "وربة وج" بين أكثرهم، وقبل أن تلتئم طاولة الحوار سمعنا بيانات وتغريدات لا تبشر بالخير، وكأن لبنان سيظل محكوما إلى الأبد بما يؤجج الصراع الداخلي في لحظة يواجه فيها الجميع أخطارا يستحيل التصدي لها وفق آليات سياسية تقليدية، أي بين تكتلات سياسية لم تكن في منأى عن تداعيات ما نحن عليه اليوم اقتصاديا وماليا.
لا نعلم إذا كان السياسيون استشعروا الخطر، ونشك بذلك، فالتصريحات (الصبيانية)، ومن باب العنتريات لا تزال تتسيد الواقع السياسي، ولا تبني اقتصادا قويا، في وقت بات فيه لبنان أمام تحدٍ خطير يتطلب بادىء ذي بدء تثبيت نفسه دولة قوية على قائمة الدول اللاهثة خلف تحقيق مصالحها وتأمين رفاه شعوبها، باقتصاد مرن مستشرف لواقع ومرتجى، خصوصا وأن لبنان اليوم حصين، دولة وجيشا ومقاومة، وثمة سانحة لاستعادة حضوره اقتصاديا، لكن ذلك يتطلب وجود حد أدنى من توافق سياسي يوفر إمكانية رفع الغطاء عن الفاسدين أيا كانون وإلى أية جهة انتموا.
وجاءت المقترحات حيال اتخاذ إجراءات إصلاحية أولية لمواجهة الأزمة الاقتصادية في السياسة المالية والاقتصادية والاجتماعية، ومعالجة الخلل في الحساب الجاري الخارجي، وبالتالي في ميزان المدفوعات، لتدفع باتجاه المعالجة، غير أن ثمة ما يشي بإجراءات غير شعبية، بدءا من تجميد زيادة الرواتب والأجور ثلاث سنوات، مع الإحتفاظ بحقوق الموظفين التي يستوفونها لاحقا، إلى عادة النظر بتخمين الأملاك العمومية البحرية، وصولا إلى الضريبة على الفوائد من عشرة إلى أحد عشر بالمئة وتحديد الحد الأدنى والحد الأقصى لسعر البنزين.
ما يبقي هامشا من الأمل أن هذه المقترحات "أولية"، أي أنها ستكون خاضعة للنقاش، تعديلا وتصويبا، كي لا تمتد اليد على جيوب الناس الفارغة أساسا، لكن ما هو مطلوب في هذه اللحظة أن ينأى السياسيون عن صغائر لا تسمن ولا تغني من جوع، لأن السياسة قبل الاقتصاد أحيانا... ودائما!