تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
– أنور عقل ضو
عندما يتحول السياسي والزعيم المفدى (طبعا) رجل أعمال يبيع ويشتري ويساوم فعلى الدنيا السلام، وعندما تنحدر المبادئ والقيم نزولا بسرعة صاروخ بالستي "فرط صوتي" لا يؤمل بصعودها من جديد بأي قوة دفع نفاثة، فمن المؤكد أنها تظل قابعة في وهدة الفساد إلى أبد الآبدين ودهر الداهرين، أو في أحسن الأحوال تبقى رابضة عند تخوم خيبة وطنية، وبامتياز شركة محدودة المسؤولية (ش. م. م)، وعندما يتهافت من هم في مواقع المسؤولية في الدولة لتطوير امتيازاتهم الطائفية، فلا نعجب إن جاع الناس وفقدوا الأمل في بورصة المصالح الفئوية المتحدة للتطوير العقاري وخلافه.
قمة الخذلان ساعة يجد المرء نفسه في بحر المصالح الخاصة، ولحظة يتأكد أن السياسة هي الآن دكان وطني بطموحات غير محكومة بسقف قِيَمي أخلاقي، أي ساعة يصبح النضال شعارا يمكن تقسيطه شهريا دون دفعة أولى، لكن لقاء رهن كل المبادئ والقيم لدى أُولي الحظوة من أولئك الذين أشبعوا الناس ذلا وهوانا وقهرا، وهل ثمة إحباط أكبر عندما يتيقن الناس أنهم يسيرون القهقرى نحو الخواء والفوضى، وأقصى طموحهم وطن وكِسرة خبز مجبولة بعرق التعب والكرامة؟
حتى دماء اللبنانيين الشهداء من كل الطوائف والمذاهب تم "تسهيمها" في البورصة الوطنية، وبعض الزعماء يفاوضون على دماء سفكت وأخرى لم تسفك بعد، لكنها تتهيأ وتتوثب لدورة جنون جديدة، ودماء اللبنانيين أيضا مشاع عام تتوزعه الهمم الطارئة والنوايا الخاسرة والأخلاق المفقودة، فأي وطن يمكن أن ينهض بمبادىء سوبر ماركت وميزان الربح والخسارة؟
نسبة كبيرة من السياسيين اللبنانيين هم اليوم متعهدون وشركاء ومقاولون، ميدانهم الدولة وتلزيماتها من مشاريع بنى سحطية (لا فوقية ولا تحتية)، ووفق الأصول غير المرعية الإجراء، وفي مناقصات استوفت الشروط بغير شروط، إلا في مَا يصلح لتزيين الفضيحة ورفعها علما خفاقا بكثير من الحزن والمال العام، وقيل إن ثمة من يبنون قصورا من دموع وعظام، وينتظرون ليرفعوا الرؤوس المقطوعة تحت سيف ونطع ليدوروا بها في ميدان عام، ويعلنوا الإنتصار العظيم على شعبهم.
عندما يتحول السياسي والزعيم المفدى (طبعا) رجل أعمال يبيع ويشتري ويسعى لتسهيم دمائنا، فالأجدى أن نبحث عن هجرة ذليلة خائبة، علنا في مكان ما من هذا العالم بعضا من إنسانيتا المستباحة.