تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
– أنور عقل ضو
من أقوالهم ندينهم، من مواقفهم نستنتج كم نحن ننأى اليوم عن منطق الدولة، وكيف لم نرقَ إلى الآن لهذا المنطق بغير ادعاءات فارغة، فلا نعجب إن كانت العدالة مسيبة والأمن مستباحا والإقتصاد يعاني والسياسة في غرف العناية.
ما هو أخطر بكثير، أن الأمل مصادر بقرارات طائفية لا تني تهدم، حتى بتنا نعيش وسط حطام مواقف رعناء، محاصرين بأحقاد وقد صار لدينا ما يفيض منها، ما يزيد عن الحاجة، ولا أحقاد بنت وطنا في سيرورة التاريخ الطويلة، هنا يتبدى الوجه الآخر لوجع مقيم، وكل اللبنانيين في سجون ومعتقلات بلا قضبان، يتوهمون أنهم يمارسون فعل حرية عصماء، فإذا بهم أقنان وعبيد في سوق نخاسة كبير أسميناه وطنا.
من أقوالهم ندينهم، وهم من يتحدث عن محميات سياسية وأمنية، وهم من يتحدث عن فساد وصفقات وسمسرة، هم من يتحدث عن اختلاسات وتبديد المال العام، وهم أيضا من يتبنى خطابا ينقط طائفية، وهم من "يغرد" كنعيب بوم في ليل الخرائب، ونحن من يموت برصاص الفتن، ونحن من يودع أعزاء وأحبة، نحن من تيتم أبناؤنا، ونحن من يتشح بثياب الحزن السوداء، أما هم فيجتمعون بعد غد على مائدة المصالحات غير مكترثين لدمائنا، ويتفقون على اقتسام لحمنا وينحرون الرجاء على مذبح مصالحهم.
لا مستقبل للبنان، لا الآن ولا غدا ولا بعده إن بقينا متمسكين بطبقة سياسية لم تنتهِ مدة صلاحيتها فحسب، وإنما لم تكن صالحة يوما ولا عرفت الصلاح ولا تركت "للصلح مطرح"، ننطلق من هنا، من مكمن الداء، من طبيعة نظام غير قابل للحياة ونعيش بقوة أجهزة الإنعاش والتنفس والأوكسيجين، متى توقفت الأجهزة نواري الميت في التراب، هنا المشكلة، هنا جذورها وهنا أيضا حضورنا الملتبس وسط دول العالم وشعوبه.
من يمثل طائفة هو بالضرورة فاسد حتى ولو فاض من بين يديه الخير، وطالما أننا عاجزون عن الإتيان بطبقة سياسية تحترم الإنسان فينا فسنبقى أذلاء، وأي قانون انتخاب يقتسمنا طوائف هو بالضرورة فاسد، ونحن الآن نعالج الأعراض أما المرض فمستحكم، كان وسيبقى!