تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
لن ندخل في تفاصيل ما حدث أمس الأحد، فأي كلام ربما يستحضر خلاف ما نضمر فيما الأجواء محتقنة، لكن نود أن نتحدث عن لبنان الرسالة، لبنان كما وصفه قداسة البابا يوحنا بولس السادس، يوم اعتبر أن لبنان أكبر من وطن ورأى فيه رسالة إلى العالم، هذه الفلسفة استند فيها قداسته إلى إرث المحبة للسيد المسيح عليه السلام، يوم قال أحبوا أعداءكم، ولم يأتِ قداسة البابا بجديد خارج القيم المسيحية السمحاء، وإذا كنا في لبنان مختلفين في السياسة ولسنا بأعداء، فكم كان رائعا لو استهلمنا هذه القيم، مسلمين ومسيحيين، وجعلنا من لبنان الرسالة قابلا للحياة فيما لو تخففنا قليلا من مواقف تحيلنا مشرذمين لا قدرة لنا على التلاقي في رحاب أرض ووطن.
كم نحتاج اليوم إلى موعظة إنسانية تجمعنا، فلا ننساق إلى تسجيل المواقف، ففي حضرة الدم يظل المطلوب دائما الكثير من الصمت، وبعض كلام لكن أكبر من حدود الوجع، وأن تكون الدولة حاضنة الجميع، والتنبه إلى أن لبنان لا يحتمل مواقف وخطوات بعيدا من رجاحة العقل، ولا سلاح أمضى من سلاح العقل في لحظة حرجة لا نريد أن تكون مشرعة على المجهول.
ما حصل بالأمس يستدعي مراجعة أبعد بكثير من الإحاطة بحادثة بعينها، وترك الأمور في عهدة القضاء بعيدا من إملاءات السياسيين، لنتفرغ لما هو مفيد، خصوصا وأننا كنا نعلم أنه بتعطيل المؤسسات وتسيب السلاح وفوضى المواقف واستباحة هيبة الدولة في أكثر من قضية وملف كنا نحضر لحروب صغيرة، هي فتنة قابلة للتوسع إذا لم ننصت لصوت الحق والعقل، وإذا لم نتحصن بالدولة ملاذا أخيرا لجميع اللبنانيين، فأنَّـــى لنا أن نبني دولة لجميع أبنائها.
ومن هنا نقول إن حادثة الأمس هي نتاج تراكم وسوء تقدير مسؤولين من كل الطيف السياسي منذ أن وضعت الحرب أوزارها أو هكذا اعتقدنا، ومن هنا نرى أن الكل ساهم في مَا حدث، مع غياب خطاب واحد والخلاف على مسلمات لا تزال موضع تجاذب، نريد دولة لا دويلات لكل منها زعيمها وهو يغرد بعيدا من سرب التوافق، وإلا سيغلبنا منطق الاستئثار والكل مستأثر وماض في طريق الخراب.