تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
– أنور عقل ضو
يوم اندلعت الحرب في مواجهة جماعة "أنصار الله" والرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح بقيادة المملكة العربية السعودية ودول التحالف، في أعقاب ترنح أنظمة وسقوط ديكتاتوريات وبروز تيارات صادرت أحلام الناس، لم نفاجأ، وكذلك لم نصب بالدهشة مع انطلاق أولى غارات عملية "عاصفة الحزم"، في ذلك الأوان كنا ندرك أن ما أنتجته وتنتجه الأنظمة من استبداد وسط ضيق أفق العقل وتغييبه لصالح إيمان "معلب" وجاهز للاستخدام ليس بأكثر من حرب قائمة منذ زمن بعيد، لكن كان ينقص تمظهرها في الميدان فحسب، ما يطرح أزمة متصلة بطبيعة الخطاب اللاعقلاني الذي استمد مشروعيته من غياب النخب المثقفة، وتعطيل الفكر والثقافة لصالح نقيضيهما.
مع بداية الغارات والعمليات العسكرية واستهدافها اليمن، وبغض النظر عما يسوقه المتحاربون، كنا نؤثر عدم الحديث عن حرب تخاض من قبل المملكة العربية السعودية ودول التحالف في مواجهة دولة عربية، وسكتنا مدة طويلة كي لا نجد أنفسنا، ودون إرادة منا، في صلب الصراع السني – الشيعي، خصوصا حين تصبح الحرب مجللة بهالة من التبجيل والقدسية، الأمر الذي يضفي عليها ثقلا مدويا هو ليس بأكثر من نتاج تراكمات وعي مأزوم تاريخيا، وهنا، لا يعود أمام المتحاربين سوى تشريع الموت الإلهي، خصوصا وأن البعد الديني للحرب وسمها بإرث الانقسامات وما رافقه من شلالات دم لا تني تصبغ وجودنا الإنساني المغيَّب في هذه المنطقة الواقعة خارج أي فعل حضاري منذ موقعة الجمل (36 هجرية) وقبلها في "سقيفة بني ساعدة" وبدء عصر الخلافة.
لا ننظر إلى هذه الحرب إلا من منظور عام، ما يفضي دائما إلى محدودية العقل وعدم القدرة على بناء أخلاقيات معاصرة، أي أننا لم نبلغ بعد عتبة التحرر من ذاكرة عقيمة تبحث عن هُويات ضائعة بين ركام الحاضر الذي لم نبنهِ أساسا، ولسنا في هذه الحرب مع إيران ولا مع السعودية، لا حرب يمكن أن نكون معها أو ضدها، والمسألة أعمق وأبعد من ترسيم وعينا على تخوم اللاإنساني دولا وأفرادا، حربا أو سلما.
حرب لا تحاكي ما بعد الراهن هي احتضار دائم وعبث إيماني يكفِّر الحياة، حرب تجوب في صحراء أوسع من ميدان خطيئة، فيما اللحظة رازحة تحت حِــملِ الأسئلة فيما نواجه ماض غير قابل للحياة!