تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
ما تزال قضية جورج نادر مستشار ولي عهد أبو ظبي واعتقاله في "مطار جون كينيدي الدولي" في نيويورك ماثلة بكل ما تحمل من خلفيات ودلالات، فالتهمة الموجهة إليه ترقى إلى جريمة إنسانية ليس ثمة ما هو أبشع منها ولا أكثر دناءة أيضا، خصوصا حين نتأكد أن هذه التهمة متمثلة بحيازة وترويج مواد إباحية للأطفال، وهذا ما أبقى هذه القضية في دائرة الضوء، لا سيما وأن شظاياها تخطت نادر إلى رمزية الموقع الذي يشغل، دون أن نعلم إن كانت ثمة تداعيات لهذه القضية على الإمارات العربية المتحدة.
لا يمكن استباق التحقيقات ليس انطلاقا من قرينة البراءة فحسب، وإنما من خلفية أن هذه التهمة بعناصرها الجرمية تطرح جملة تساؤلات حيال الأمكنة التي صورت فيها اللقطات المشينة ومن أين مصدرها، فضلا عن أن ثمة أكثر من دليل في قضية إنسانية يدأب العالم لمواجهتها، وهي المتمثلة بالاستعباد الجنسي من جهة وتوظيف الأطفال في خدمة نزوات مريضة، في جريمة تستحق الإعدام لمن ارتكبها، لا السجن مدة تتراوح بين 15 و40 عاما، وفقا للقانون الأميركي.
ولمن لا يعلم، فإن جورج نادر المستشار لولي عهد أبو ظبي هو رجل أعمال أميركي من أصل لبناني، ولديه سوابق عدلية تتعلق بالتهم ذاتها، وبحسب صحيفة "الواشنطن بوست" الأميركية، أدين نادر أيضا قبل 28 عاما بنقله مواد إباحية للأطفال، وتم تخفيف عقوبته بعد تدخل شخصيات بارزة أمام المحكمة لصالحه بذريعة أنه لعب دورا مهما في إطلاق سراح رهائن أميركيين كانوا محتجزين بلبنان، ما عرف حينها بـ "أزمة الرهائن" وكان بينهم أميركيون.
وتؤكد "الواشنطن بوست" انها اطلعت على وثائق رسمية تفيد بأن محكمة في ولاية فرجينيا وجهت إلى نادر حيازة أشرطة جنسية للأطفال، وهذا يعني أن التهمة مكتملة العناصر من حيث وجود دليل مادي استحصلت عليه السلطات الأميركية عبر الأقراص المدمجة وما تضمنت من صور وشرائط فيديو في هاتف نادر.
ما لم يتم الإعلان عنه يتخطى هذا الجانب الفضائحي إلى ما هو أبعد، لا سيما وأن نادر ارتبط اسمه في الفترة الأخيرة بولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، وكان شاهدا رئيسيا في تحقيقات روبرت مولر بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية 2016 لصالح دونالد ترامب، فيما أشارت "نيويورك تايمز" إلى أن خمسة من المقربين من محمد بن زايد يخضعون للتحقيق في الولايات المتحدة، وهو ما رجحت الصحيفة أن يكون سببا لعدم زيارته للولايات المتحدة الأميركية منذ بدء تحقيقات مولر، ويتهم نادر أيضا بالتورط في شراء النفوذ لمحمد بن زايد في مراكز صنع القرار بواشنطن، وتفيد التسريبات بأنه تولى ترتيب لقاء بين الروس وترامب قبل وصول الأخير إلى البيت الأبيض.
إلى الآن لم يكشف عن تفاصيل هذه التحقيقات لأنها تتعلق بالأمن القومي الأميركي، لكن ما هو أبعد يبقى متمثلا بدور نادر في مَا يحتل من موقع، أي أنه كان قد صدر بحقه قرار يقضي بتوقيفه على خلفية أمر آخر، وقد تكون ثمة أمور أكبر متصلة بدور عربي ما أبعد من هذه الجريمة - الفضيحة، وإلا فما المسوغ لإلقاء القبض عليه وتفتيش حقائبه؟
بالتأكيد لا يمكن إغفال التهمة الأولى وهي في مكان ما "تحاصر" إمارة أبو ظبي من خلفية الموقع الذي يشغله نادر، وربما ثمة معطيات جديدة ستتكشف في الأيام القليلة المقبلة في سياق التحقيقات وبانتظار ما ستلفظه المحكمة الأميركية في نهاية المطاف.