تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
ضرب الإرهاب في عاصمة الشمال، أربعة شهداء من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي سقطوا قبل أن يُقتل منفذ العملية عبد الرحمن مبسوط، ولن نسمع إلا الاستنكار والشجب، ونتحضر من الآن لسيل من المواقف، وسيتبارى أهل السياسة في حب الجيش وقوى الأمن، وسيوسعون الإرهاب ضرباً ولكماً بكلمات تنفيسية، وسيبقى الإرهابيون طلقاء.
أربعة شهداء بـــ "رقبة" الدولة، أربع عائلات تيتمت، فقدت الابن أو المعيل، والدولة ساهية عن وجع أبنائها، فمنذ أن وضعت الحرب الأهلية أوزارها قبل أكثر من عشرين سنة، كانت عاصمة الشمال متروكة للفقر والعوز وما تزال، ولا من يتذكرها إلا قبيل الاستحقاقات الانتخابية، يخيم فيها ويوزع الفتات وشعاره رفع الغبن عن عاصمة الشمال.
عندما نترك منطقة يستبيحها الفقر تصبح أرضا خصبة للإرهاب، ومن لا يملك شيئا في دنياه يتطلع إلى حور العين وأنهار من العسل المصفى، يتبنى "ثقافة الموت" فليس لديه ما يخسر، لا وظيفة ولا القليل من أمل، ولم تفكر الدولة يوما كيف أن الإرهاب ينمو في البؤر الفقيرة، هذه المطارح المتروكة للصدف، وهي تحتاج لا إلى الأمن فحسب، وإنما إلى ما يبعد عنها الإجحاف والإهمال، وخلق فرص عمل ودورة إنتاج وازدهار في حده الأدنى.
ليس ثمة من يولد برتبة إرهابي، فالإنسان ابن بيئته، وهنا إذا كنا نتحدث عن أهل السنة، عن طائفة كريمة من لبنان، فلماذا لا نشهد في بيروت حركات تكفيرية، وإن وجدت فهي أعجز من أن تجند أحدا في صفوفها، هناك تعصب صحيح، وهذا التعصب لا يقتصر فقط على أهل السنة، فالتعصب مقيم بيننا، في كل المناطق والطوائف والمذاهب، وإنما نتحدث عن حالات شاذة تتسلل إلى الأحياء الفقيرة.
ظاهرة الإرهاب تظل أكبر من مقاربتها بعجالة، ولكن نتحدث عن أفكار عامة، وثمة سؤال: لماذا لا تخرِّج إمارة دبي أو قطر إرهابيين بالرغم من أن ثمة تيارات أصولية؟ ولماذا أصبحت الصومال بؤرة للإرهاب؟ وثمة الكثير من الأسئلة لكن الوجع واحد، أربعة شهداء قضوا على مذبح الواجب، ودماؤهم برقبة من وعد ولم يفِ، وطرابلس ليست مواسم انتخابية نتذكرها مع فتح صناديق الاقتراع، وننأى عنها ساعة إعلان النتائج.
لن نقدم أسبابا تخفيفية للمجرم، لكن المطلوب مواجهة الإرهاب برفع الغبن عن الناس، وفي كل المجتمعات، الفقر هو الإرهابي الأكبر، رحم الله شهداءنا الأبرار في صبيحة هذا العيد، ولنتعظ ونستخلص العبر.