تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
– أنور عقل ضو
ما عرفنا عنه إلا أنه مذ أطل على الحياة يتنفس طائفية، شهيقا وزفيرا، وسط هواء ملوث بأحقاد وأوهام وكثير ابتذال، وملوث أيضا بترهات فائضة بعد أن حصَّنته الرضاعة الطبيعية بحب الطائفة، وكان أن صار مشروع "زعيم" يمثل شتاتا ضائعا بين وطن ذبيح وقصور عامرة بالكراهية.
هذا حال المسؤول اللبناني المفتوحة أمامه "جنة" الدولة، كل مسؤول مدان حتى يثبت العكس، ومناسبة هذا الكلام في صبيحة هذا العيد المبارك ما أُتْــــحِفنا به وطنيا في "ليلة الوقفة"، وقبلها بيوم، خطابات طاووسية، لغة خشبية وأحقادا دفينة، فمن يرأف بحالنا؟ ومتى يفهم هذا أو ذاك أن الناس ليسوا قطعانا في طوائف؟ ومتى يدركون أن لبنان لن يكون لا اليوم ولا غدا مسلخا وحظيرة؟
من لا يمثل شعبا بسائر تلاوينه هو مسؤول بعيد كل البعد من فقه السياسة، السياسة بعالمها وفضائها الإنسانيين، بعيد من ألفبائها، وهو مشروع فتنة متنقلة، ربطة عنقه وهي تنقط طائفية أشد خطورة من حزام ناسف، والساعات "السينييه" قنابل موقوتة، أما العطر الباريسي فغازات سامة وسلاح دمار شامل، ولا قيمة لكل هذه القيافة والأناقة طالما سم الطائفية يجري في العروق ويعطب مسالك العقل، ولئن ابتلينا ببلاغة فذلك يفسر معنى أن يحاضر بالعفاف من قضم تفاحا محرما.
نعيش إشكالية هُويات متناحرة، ولا هُوية وطنية واضحة ساطعة توحد، وطالما ثمة من يمثل فئة ومكونا طائفيا ومذهبيا، وساعة يصبح الخوف على الطائفة فعلى الوطن السلام، وسيبقى لبنان مشروع دولة مؤجل بالدستور، و"عنتريات" المأزومين في كل الطوائف ومن كل المذاهب ليست بأكثر من وبال ومصيبة.
حرام هذا اللبنان المتشظي بمصالح من ينتهكون طوائفهم أولا، ويتخذون منها منصة لأغراض وزعامات مجللة بالوهم، وأكثر الخوف على الطوائف يكون أكثر عتوا من ممثليها لا من غيرهم، من ينفث الأحقاد هو تماما كـ "طابخ السم آكله"، ولا خطر على الطائفة أكبر ممن يحاربون بسيفها ويدعون تمثيلها، وكل الطقم السياسي ينحر القيمة الأجمل للبنان، فمن يحاسب؟!
مدارس طائفية، مناطق طائفية، مؤسسات طائفية، جامعات الطوائف، قوانين الطوائف للأحوال الشخصية، وزارات الطوائف، مدراء عامون ممثلون لطوائف، حصص الطوائف في الحكومة، مصارف الطوائف، حتى المؤسسات الأمنية غدت ملكية لطوائف، كل ما في الدولة مستباح من الطوائف ويحدثونك عن "وطن".
يخطط العالم لغزو المريخ وللإقامة على سطح القمر ونحن أعجز من أن نسد "مجرور" يلوث البحر، هَــــزُلـَـــــــت!