تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
خاص "الثائر"
- *" فادي غانم "
فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون ، مع كامل المحبة والتقدير، ومع فائق الاحترام وأنتم من يقود سفنية البلاد في بحر الأنواء الكبيرة، نرفع إليكم هواجسنا وقد استبد القلق من حاضر ومستقبل، ونحن نعيش في لبنان أزمة إعلام لم تحظ بأولوية في مقاربة الدولة لسائر أزماتنا.
بدايةً، نسأل، كيف يمكن للإعلام أن يكون حرا في وطن يواجه اقتصادا ما يزال في منطقة التعثر؟ وكيف لوسيلة إعلام مرئية، مسموعة، مكتوبة أو إلكترونية أن تكون مستقلة وسط فوضى ألوان الأَعلام السياسية، قديمها وجديدها، وما يفرخ منها وسط فوضى تُبقي السياسة في دائرة تضيق كلما اتسع هامش الفوضى أكثر؟ وتاليا، هل يمكن للإعلام أن يرتقي ويتطور في غياب الأطر الناظمة للعمل السياسي أم يكون صورة ملتبسة عنها؟
نستغرب فخامة الرئيس كيف أن لبنان ما يزال أسير فوضى سياسية وقد أفضت بدروها إلى إعلام مأزوم، ولا نحملكم وزر واقع يرقى إلى ثلاثة عقود وأكثر، وإنما نتطلع إليكم لنتجاوز عثرات الماضي البعيد، وما ساورنا الوهن يوما من أننا قادرون معكم من جبه العواصف بإرادة وقوة، نستلهم من معين تجربتكم القدرة على الصمود والصبر.
لقد شهد الإعلام في السنوات العشرين الماضية تبدلات كبيرة فرضها التطور في فضاء الاتصالات وثورة المعلومات وانتشار التكنولوجيا الرقمية، وقد غيرت جميعها الكثير من مفاهيم فرضت آلياتها على كافة مرافق الحياة، وكان للإعلام نصيبه وسط هذه التحولات الكثيرة، فشهدنا إقفال مؤسسات إعلامية عريقة لم تتمكن من مجاراة التطور والانتقال من الإعلام الورقي إلى فضاء الإعلام الرقمي، فيما نشهد اليوم أزمات تهدد قطاع الإعلام.
فخامة الرئيس، يساورنا خوف من أن يفقد الإعلام وهجه وأن يتحول مجرد منصات مرتهنة لقوى تسوغ الفوضى بما لديها من وفر مالي، مؤسسات وشركات بعضها مملوك من قبل أهل السلطة، وها نحن اليوم نشهد ثقافة التسطيح والابتذال، حتى صار هم كل وسيلة إعلامية زيادة عدد المشاهدين والقراء والمتابعين بغض النظر عن التوجه والمضمون، أي عن القيمة الحقيقية لإعلام واعد يرنو إلى آفاق أبعد من رصد الواقع بتجلياته المستفزة، وسط صراع طائفي ومصلحي.
لا نريد يا فخامة الرئيس أن يختنق صوت الحقيقة بإعلان من هنا وآخر من هناك، وأن تصبح وسائل الإعلام مجرد أبواق تنفث سموم الفرقة والتشرذم، ونخاف أن يصبح إعلامنا قاصرا عن مواكبة الحداثة بروح القيم، لأن أي تطور غير محصن بأخلاقيات ومناقب يغدو مجلبة لأزمات أكبر.
نخاف يا فخامة الرئيس أن نفقد في الإعلام ألوان قوس الغمام، ألوان الحرية الحقيقية المسؤولة، أن نفقد إعلاماً يغنى ويتطور برقابة وطنية ذاتية، نخاف أكثر أن نغدو لاهثين خلف سراب، ساعة تصبح مؤسساتنا الإعلامية مشحونة بلون أصفر، أي صحافة بلا لون وطعم ورائحة، ولزوم ما لا يلزم.
*الحاكم السابق لجمعية أندية الليونز الدولية – المنطقة 351 (لبنان، الأردن، العراق وفلسطين)
*رئيس "جمعية غدي"