تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
ما يثير الشفقة فعلا أن يتحدث أحدهم أو بعضهم، أو من هم في وهم اللحظة يجذِّفون في بحر التمني، لا سيما في موضوع القمم الثلاث في مكة المكرمة، الخليجية والإسلامية والعربية، أن يتحدث ويقول فعلا - وهو مصدق - بأن القمم الثلاث كانت مترابطة، وإنها أنتجت الموقف الأهم وهو نصرة فلسطين ورفض "صفقة القرن" والتمسك بأراضي الـ 67، وإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، من يقول ذلك هو بالتأكيد يعيش خارج العصر، وقد أسقط عمدا أو سهوا مواجهة إيران، وهو العنوان الأبرز لهذه القمم، أما استحضار فلسطين وتأكيد نصرتها فلم يأت إلا من باب رفع العتب وحفظ ماء الوجه.
يوم بدأ يسطع اسم الرئيس الشهيد رفيق الحريري خلال الحرب الأهلية (قبل عودته إلى لبنان) كانت إحدى الصحف اللبنانية تعتمد صفة مجحفة حين كانت تقول بأن رفيق الحريري رجل أعمال سعودي من أصل لبناني، بالتأكيد هذه الصفة مذمومة ولا تليق بالرئيس الشهيد، ولكن العلاقة مع المملكة العربية السعودية وآل الحريري عموما ما تزال في دائرة الالتباس، وهنا لا يمكن أن ننسى كيف أهين واحتجز رئيس حكومة لبنان سعد الحريري في الرياض بقرار من ولي العهد محمد بن سلمان، هذه الحادثة مرت على خير، وكان يمكن أن تكون لها تداعيات خطيرة، ولو لم يتوحد الطيف السياسي اللبناني بألوانه كافة لكان الأمر أفضى إلى أزمة بين دولتين.
هذه الحادثة تؤكد هذا الالتباس، فهل جاء قرار بن سلمان التعرض للحريري من واقع أنه مواطن سعودي؟ هذا السؤال يأتي في سياق ما شهدناه في مكة المكرمة، وهذا ما أشار إليه الأمين العام لـ "حزب الله" حول موقف الحريري في القمة، منوها إلى أنه لا يعبر عن موقف لبنان، وثمة من غمز أيضا من قناة الحريري لافتا إلى أنه "عبر عن موقف (تيار المستقبل)".
وبما أن فريق الرئيس الحريري اعتبر القمم الثلاث نصرا عربيا وإسلاميا، فذلك يدعو بداهةً للتساؤل، وفي موضوع الالتباس عينه، خصوصا وأن الموقف من إيران تم تبريره في سياق الموقف الأميركي الداعي إلى "وقف نشر الفوضى في المنطقة"!
بالتأكيد من حق الرئيس الحريري التحدث باسم لبنان، وهذا ما فعله، وهذا ما هو مطلوب أيضا، لكن ما فاقم موضوع المشاركة في قمة مكة، أن الأمر جاء نتاج عدم تفاهم بين سائر المكونات اللبنانية، والخطير في الأمر أن يأخذ المسؤولون لبنان إلى حيث يشتهون، وليس ثمة استثناء بين من هو مع الحريري أو معارض له، والكل سواسية في هذا الالتباس، من الرئيس الحريري إلى السيد نصر الله وغيرهما، وهذا ما شهدناه على خلفية القمم الثلاث الملتبسة أساسا توقيتا وتوجها!