تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
دارت عجلة الموازنة أمس على اقتراحات وزير الخارجية جبران باسيل ، وقد تضمنت ما هو مقبول وما كان يجب أن يكون قبل سنوات طويلة، لكن دون أن يطاول سقف التوقعات، وتبقى الاقتراحات عينها مدخلا لإصلاح أكبر وأعم، خصوصا وأن "رئيس التيار الوطني الحر" اعتبر أن ثمة امتعاضا في الحكومة لأننا لم نصل الى حيث نريد بعد ولا خيار لدينا إلا بموازنة إصلاحية، وإذا أنجزنا موازنة جدية نذهب إلى تصنيف أفضل للبنان، أما إذا تراجع تصنيف لبنان فذلك يعني أن هناك سقوطا حتميا وسريعا.
كلام لا غبار عليه، لكن لا نعلم على وجه التحديد ما المقصود بموازنة إصلاحية أبعد من أفكار عامة لجهة وقف الهدر واستعادة المال المنهوب، تضمنت إلغاء وإقفال المؤسسات غير المجدية، وقف المساهمات المالية من خارج الموازنة، إلغاء العقود بالشراكة مع بعض الوزارات، عدم إقامة مهرجانات دولية من مال عام، تحويل مرفأ بيروت الى مؤسسة عامة ومداخيله الصافية الى الخزينة، رفع الضريبة على المصارف، ضريبة على رخص السلاح والفوميه ومطار الشرف، ورسم على الزواج المدني الذي حان وقت إقراره وغيرها من العناوين القابلة للتحصيل.
الأجواء الإيجابية التي طرحها ما لبث أن بددها وزير الصناعة وائل أبو فاعور ، حين قال "عملنا جلسة تحليل إستراتيجي وضربنا بالرمل وقرأنا الكف وما طلع معنا شي"، ما يعني أن الأمور لا تمر بسلاسة، وثمة ما يبرر توجس الفئات الشعبية الأكثر تضررا من واقع اقتصادي صعب قبل أن تطل الموازنة بأفكار مترنحة أفضت إلى مأزق بدأ يضغط على السلطة السياسية، وينبىء بأن العبرة في الخواتيم، وهنا الامتحان الأهم.
بعيدا من مقترحات باسيل وما ساقه أبو فاعور في موضوع "ضرب الرمل"، لا شيء يبشر إلى الآن بأن لبنان سيكون قادرا على تخطي هذا الامتحان بنجاح، فما هدم خلال ثلاثين عاما لا يعاد بناؤه على الأساسات عينها، وفي موازنة لم ترافقها ولم تسبقها إجراءات تشي بأن الحرب على الفساد قائمة فعلا، وهنا نعود إلى نقطة البيكار، إلى السبب لا إلى النتيجة، وندرك أن الأفكار والمقترحات إن لم تكن مدعمة برفع الغطاء عن الفاسدين لن تجلب المن والسلوى.
ما قدمه باسيل يُعول عليه، أو على بعضه، لكن ماذا عن الأملاك البحرية؟ وماذا عن قطاع المقالع والكسارات وقد غدا مجلبة لفساد وهدر يهرب بعيدا من خزينة الدولة؟ وماذا أيضا عن الفساد المستشري والقفز فوق القانون وتغطية من يتجاوزونه؟ هذه بعض أسئلة وثمة غيرها أيضا، وهذا ما يقودنا إلى أن لا موازنة عادلة دون مكافحة الفساد!