تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
كنا ننتظر من رئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط إدانة - ولو بمحبة - دول عربية غارقة حتى أذنيها في صفقة القرن، وكنا نتمنى أن يبعث برسالة إلى بعض الملوك والأمراء العرب يؤكد فيها أن التطبيع مع إسرائيل يعني استجلاب الدب إلى كرم العروبة، أو ما بقي منها، وهو الذي قال قبل أيام قليلة أن وصيته لنجله تيمور ألا ينسى فلسطين، وفلسطين اليوم على مشرحة الولايات المتحدة وإسرائيل ودول عربية تجمعهم "الأخوة" المشتركة، تمهيدا لـ "ترانسفير" جديد يتقصد الأردن وسيناء وما بقي من كرامة عربية.
لكن الإدانة أرادها زعيم المختارة في موقع آخر، فاستنكر "تعرض 4 سفن شحن تجارية مدنية من جنسيات عدة لعمليات تخريبية بالقرب من إمارة الفجيرة والمياه الإقتصادية لدولة الإمارات العربية المتحدة"، علما أن هذا الحادث تزامن مع إطلاق إسرائيل اسم الرئيس الأميركية دونالد ترامب على مستوطنة تزمع إقامتها في الجولان المحتل، ولم نسمع ولو "تغريدة" مستنكرة وشاجبة.
غريب أمر البك، وغريب أن اللاقط الجنبلاطي لا يعمل إلا على موجة واحدة، وما قاله من باب التضامن مع الإمارات العربية المتحدة، ومن دون إدانة دورها في صفقة القرن يستدعي وقفة تأمل، صحيح أن ما تعرض له ميناء الفجيرة مرفوض ومستنكر، لكن ألا يدرك البك أن "عند اختلاف الدول احفظ رأسك"؟
لجنبلاط الحق في التعبير عن رؤاه وهواجسه، لكن في لحظة سياسية إقليمية ودولية تتسم بكثير من التعقيد والخطر، نكاد نتوجس خيفة من أن تغيب فلسطين عن الخارطة الجنبلاطية، لصالح استحضار "الخطر الفارسي" تناغما – ربما ليس مقصودا – مع ملائكة الولايات المتحدة الأميركية، ورأى جنبلاط في تعريض السفن التجارية وناقلات النفط لأعمال تخريبية وتهديد حياة طواقمها تطورا سلبيا مرفوضا يهدد سلامة الملاحة البحرية، ما يستوجب فتح تحقيق شفاف وواضح لتحديد المسؤوليات وملاحقة المتورطين بهذا الحادث، لكن ماذا عن غزة واستهدافها؟ وأيضا كلام جنبلاط يظل مقبولا من باب التضامن، أما إذا تخطى ذلك إلى نسيان فلسطين فذلك يعني المزيد من الالتباس في لحظة تتطلب التروي والهدوء، كي لا يضطر مرة جديدة إلى التغريد والمسارعة إلى حذف ما غرد.
لسنا لنتهم جنبلاط في كل ما يصدر عنه من مواقف إلا من قبيل الحذر، خصوصا وأن ما بدا مستهجنا في تصريحه الأخير وقوفه إلى جانب دولة الإمارات العربية المتحدة وحقها في ممارسة السيادة على مياهها الإقليمية إنفاذا للقوانين الدولية المرعية الإجراء، وهذا عين الصواب، وهذا موقف يعتد به، لكن ماذا عن القوانين الدولية غير المرعية الإجراء في استباحة فلسطين؟!