تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
مشكلتنا في لبنان أن سائر الحكومات، وبالوقائع التاريخية، كانت على الدوام ممثلة للطبقة السياسية، وفي مَا شهدنا منذ ما ينوف على النصف قرن لم نر يوما حكومة ممثلة للشعب، معبرة عن تطلعاته، دائما ثمة تحالف فوقي يهمش الناس لتظل قصور الزعماء مشرعة لاستقبال المؤيدين والمناصرين والأتباع لعرض أمورهم من باب تقديم واجب الطاعة والولاء، وفي كل عطلة "ويك إند" نرى الناس زاحفين فرادى وزرافات في مَا يشبه "الحج السياسي" لدارة الزعيم أو مكتبه، بينهم من يطلب خدمة، وبيهم من هو مواظب بشهادة حسن سلوك وإرادة طيعة، لا يفوِّت مناسبة إلا وهو لصيق بولي النعمة، أوليس الزعيم من قام "بواسطة" ليدخل ابنه إلى السلك العسكري؟ أو هو من أوصى به فلانا في الدولة لقاء خدمة؟
في أحد القصور العريقة، رفض مسؤول وسكرتير "زعامتي" في دارة سياسي وزعيم توزيع رخص السلاح على من لم ينتسب بعد إلى الحزب، وقالها صراحة أما الملأ "لا رخصة لمن لم ينتسب حتى الآن"، وما بالك بمن يقرضون الشعر العامي، وينصت لهم الجميع وهم "يشقشلون" الزعيم حتى لتظن أنك في حضرة أحد الخلفاء العباسيين، والأحلى ساعة تعلو صيحات الاعجاب والهتاف وتخدر الأيدي من التصفيق "عا قولة عيدا عيدا"، لا سيما حين يصيب "الشاعر" وترا بالغ الحساسية غمزا من قناة زعيم منافس.
لا نتحدث عن مشاهد متخيَّلة، ولا نأتي بشي خرافي، ومن لا يصدق نؤكد له أن هذه المهزلة تتكرر أسبوعيا وفي عطلات الأعياد، ولا تقتصر على سياسيي الفئة الأولى، فثمة نواب ووزرا تغص دُروهم وقصورهم تعج بطالبي الخدمات و"الواسطة"، وهذا بعض من إرث "النظام المقاطعجي" وعقلية القطيع، وما يستعصي على الفهم أن بين أبناء رعية هذا الزعيم أو ذاك حَــمَلة إجارات جامعية وطبقة من "الانتيليجنسيا" لكن للأسف محكومة بداء التبعية، جابت أرقى دول العالم وتعلمت في أهم جامعاتها وعادت وفية لزعيم وكأنها مؤتمنة على تقاليد العائلة.
هذا غيض من فيض، وهل نستغرب بعد الآن كيف أننا لا نجد حكومة تمثل الناس؟ وكيف تعبر الحكومات فقط عن مصالح السياسيين؟ وكيف أن هذا المناخ يمثل بيئة مناسبة لتجديد الطبقة السياسة عينها عبر "الإقتراع الحر" من الجد إلى الابن إلى الحفيد؟
طالعنا قبل أيام أحد الناشطين عبر وسائل التواصل الاجتماعي بـ "بوست" أشار فيه إلى أن ثمة ثلاثة رؤساء أسدوا "خدمة للبنان" لأنهم لم ينجبوا أولياء عهد، وطالما ما نزال محكومين بإرث البيوتات السياسية قديمها والمستجد فعلى الدنيا السلام و"مرحبا تغيير".