تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- اكرم كمال سريوي
حرص رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ، في إطلالته الخميس الفائت، عبر شاشة العربية، على محاولة ترطيب الأجواء مع حزب الله . فتجنب اثارة موضوع لبنانية مزارع شبعا، مركّزاً على الوضع السوري، والعلاقة مع النظام، والتدخل الايراني في الدول العربية. وهو بذلك أرسل رسالة الى حزب الله، بانه لا يريد التصعيد.
وجاء رد حزب الله بعد ساعات قليلة، على لسان الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، اذ اعتبر ان ما يقال عن عدم لبنانية المزارع، لا يُقدم او يؤخر في شيء، مشيرا ً بذلك الى كلام جنبلاط، دون ان يسميه، وهو بذلك ايضاً تجنب التصعيد في المواقف وتوتير الأجواء على الارض، موضحاً اننا لسنا بحاجة الى مناكفات لا طائل منها، خاصة وان لبنان يواجه مرحلة عصيبة، وفق اراء جميع الخبراء الاقتصاديين. ودعا السيد نصرالله، الى حصر النقاش حول الموازنة، في مجلس الوزراء، طالما معظم الافرقاء هم داخل الحكومة، وعدم الانجرار الى مزايدات إعلامية شعبوية، قد تودي بالبلد الى الهلاك .
بالطبع يُدرك كل من السيد حسن نصرالله، ووليد جنبلاط، دقة المرحلة، واهمية تنظيم الخلافات أياً تكن، بغية تجنيب لبنان اية خضات او مخاطر، وهو في عين العاصفة، وتحيط به المخاطر الاقتصادية والأمنية من عدة جهات.
لقد أخذ النقاش، في مسألة هوية مزارع شبعا، مداه الأقصى، منذ العام ٢٠٠٠ وأصبح هذا الملف في اروقة الامم المتحدة، التي اعتبر أمينها العام، في تقريره بشأن تطبيق القرار ١٧٠١، والذي قدمه الى مجلس الامن، في ١٢ ايلول ٢٠٠٦ ان حل هذه المسألة، يتطلب اتفاقاً بين لبنان وسوريا، على ترسيم الحدود بينهما. وهنا بالطبع تبرز نقطتان: الاولى هي عدم إنجاز هذا الموضوع من قبل الحكومتين، اللبنانية والسورية،حتى اليوم، وإبقائه عالقاً دون حل بالطرق القانونية الدولية اللازمة، بالرغم من تعيين الامم المتحدة، خبيراً في الخرائط الدولية، وزيارته الى منطقة المزارع، عام ٢٠٠٧، ووضعه تقريراً حول حدودها. وهنا يتساءل البعض ، عن حقيقة الموقف السوري، فبالرغم من وجود خريطة فرنسية، في الامم المتحدة تعود الى آذار العام ١٩٣٢، تُظهر ان المزارع هي داخل الحدود اللبنانية، إِلَّا ان سوريا مارست سيادتها على هذه المزارع منذ عام ١٩٤٦ وحتى ١٩٦٧، تاريخ احتلالها من قبل العدو الاسرائيلي، وأدرجت سكانها ضمن احصاء عام ١٩٦٠ باعتبارهم مواطنين سوريين.
اما النقطة الثانية، في تقرير الأمين العام، فهي تمثل اعترافاً بالمزارع، بانها أراضٍ عربية محتلة من قبل اسرائيل، ليصبح معها، تفصيل الحدود فيها، بين لبنان وسوريا، مسألة عربية محض يجب حلها، مع عدة نقاط اخرى متداخلة على حدود البلدين.
وبالعودة الى الواقع، فالمواقف اللبنانية، والآراء والتصريحات، والخطابات، لن تغيير شيئاً، في حقيقة الامور، بان المزارع ما زالت محتلة، ولم يشملها قرار مجلس الامن رقم ٤٢٥، وان الخط الأزرق يمر خارج هذه المزارع، لذا يجب على الدولة اللبناني، التحرك مع الجانب السوري، لحسم هذا الموضوع، وتوثيق لبنانية المزارع في الامم المتحدة، وفقاً للقانون الدولي، والعمل على تحريرها، بكافة الطرق المشروعة، بما فيها تفعيل عمليات المقاومة، داخل هذه الأراضي.
اما ما حصل على الساحة اللبنانية، فان مفاعيله محصورة بين هذه الأطراف. فلقد أوصل جنبلاط رسالته، بانه قادر على خلط الأوراق، وان هناك قسم غير قليل من اللبنانيين يشاركه الرأي والموقف، وان عملية محاصرته ليست بالسهولة التي يراها البعض.
اما حزب الله، فقد اوضح موقفه ايضاً، انه لا تراجع في موضوع السلاح، ولبنانية المزارع، وبالرغم من انزعاجه من الكلام الأخير لجنبلاط، وقرار الوزير ابو فاعور بخصوص معمل الارز، فهو أبدى حرصه على احتواء الخلاف، وعدم الذهاب بعيداً في تمزيق الساحة الداخلية، ولم يتبنَ رسمياً كلام فتوش التخويني، الذي استفز مشاعر الدروز، ودفعهم للالتفاف حول جنبلاط.
ورغم عدم وجود تواصل مباشر، او تحضير لأي لقاء قريب، بين الطرفين، إِلَّا ان بعض المصادر اشارت الى وجود مساعي، لتلطيف الأجواء، والتخفيف من حدة الخطاب، والإبقاء على سياسة تنظيم الاختلاف بالرأي، ضمن إطار التنوع الديمقراطي، لان ظروف لبنان الاقتصادية والسياسة، لا تسمح بتفجير صراعات داخلية قد تودي بالبلد الى الهلاك والسقوط، في أتون المنطقة المشتعلة، من ليبيا الى اليمن والعراق وسوريا.