تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
إذا صحت الأخبار المتداولة اليوم مع ما حملته التسريبات حول بعض الأفكار المقترحة المتعلقة بمشروع الموازنة، ولا سيما الورقة التي "أعدّها" رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ووزعها على القوى الاساسية في الحكومة، لجهة تخفيض الاجور ومعاشات التقاعد والتقديمات الاجتماعية هو طرح جدّي، فإن لبنان سائر نحو الكارثة.
ما يؤكد هذه المخاوف، جملة من المعطيات، يبقى أبرزها ما أشارت إليه بعض القوى السياسية (تسريبا لبعض وسائل الإعلام) في تأكيدها أن ورقة الحريري تمثل إلى الآن الطرح الجدّي الوحيد الذي تدرسه الحكومة لتخفيض العجز المالي، ما يعني أن كل التصريحات العلنية تجافي الحقيقة، وفيها الكثير من التورية وهي بمثابة ذر الرماد في العيون، ومحاولة لتخدير الشارع وكسب الوقت.
وفي هذا السياق، لا يمكن أن تكون معلومات "الأخبار" اللبنانية مجرد فبركة إعلامية، خصوصا وأنها تحدثت عن ورقة بعنوان "السياسات والاجراءات الواجب اعتمادها للمعالجة الفورية والجذرية لعجز المالية العامة وتعزيز الايرادات"، وما نعرفه، وما هو واضح في حاضرة السياسة اللبنانية وتشعباتها أن لا "دخان بدون نار"، وأن القوى السياسية من كل الاتجاهات والتيارات هي من يرفد "الأخبار" وغيرها من وسائل الإعلام بسيل من التسريبات، وكلنا يذكر أنه خلال اللقاءات السياسية المغلقة، وبالرغم من أنه يكون ثمة توجه عام بعدم التسريب، تطالعنا الصحف بتفاصيل وحوارات تفصيلية، ومن "عطس" في اللقاء وفي أية ساعة، ونعلم أسماء الوزراء عند تشكيل أي حكومة قبل إعلانها رسميا.
ومن ثم نسأل – ليس دفاعا عن "الأخبار" أو غيرها – من يسرب إلى الإعلام معلومات وتفاصيل؟ أوليست القوى السياسية نفسها حين من يوظف أي منصة إعلامية في "حربها" على مشروع أو قضية ما؟
بحسب "الأخبار" تنص الخطة على "تجميد" 15 بالمئة من أجور الموظفين والمتعاقدين والأجراء والمتعاملين والمياومين ومعاشات المتقاعدين، لمدّة 3 سنوات، على ان تعاد لهم "تباعا" بدءا من العام 2022، مع زيادة توازي نسبة التضخم المحققة بين عامي 2019 و2021. ليس هذا فحسب، بل وإلغاء الاعمال الاضافية كلها والمكافآت وتخفيض تعويضات النقل وغيرها من التعويضات، وتخفيض المخصصات الاجتماعية للعاملين في القطاع العام، وتخفيض اشتراكات ومساهمات الدولة في صناديق التعاضد (بنسبة 14 بالمئة). هذه الاجراءات القاسية ستؤدي، وفق الورقة، الى خفض دخل الاسر المتأتي من الوظيفة العامة بقيمة 1650 مليار ليرة بالمقارنة مع العام 2018 وبقيمة 1900 مليار ليرة بالمقارنة مع الاجور المتوجبة في عام 2019.
وما صدر عن المكتب الاعلامي لرئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أكد أن "هناك بوقا اعلاميا متخصصا ببخ الاساءات اليومية لكل ما يمت بصلة الى الرئيس سعد الحريري. هذا البوق اسمه جريدة "الاخبار" وقد تحدث اليوم عن ورقة اقتصادية ومالية لرئيس الحكومة تتضمن اجراءات على صورة التلفيقات اليومية لتلك الجريدة، ورقة الاصلاحات والاجراءات المطلوبة لخفض العجز ووقف الهدر، موضع نقاش مسؤول مع كافة المكونات في الحكومة ستتم ترجمته بمشروع الموازنة الذي سيرفعه وزير المال الى مجلس الوزراء، وما نشرته الاخبار ورقة منسوبة زورا للرئيس الحريري وفيها الكثير من الفبركات وبنات أفكار التخريب القائم على مشروع النهوض الاقتصادي والبرنامج الحكومي".
بين "الوقائع" التي ساقتها "الأخبار" ورد المكتب الاعلامي للرئيس الحريري، ثمة خيط متوارٍ، وثمة أكثر من علامة استفهام، وهذه "الوقائع" تعكس حجم الأزمة ومدى التخبط والإرباك، لا أكثر ولا أقل، وما هو مؤكد حتى الساعة، أن مشروع الموازنة يراوح بين التسريب والتهريب، التسريب لا يبرىء قوى سياسية سربت وروجت، والتهريب، وهو المرجح يعني أن تهرب الموازنة ولو بصيغة أقل مما يسرب إلى وسائل الإعلام!