تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
في مراجعة وقراءة متأنية لبعض التهويمات الأميركية الأخيرة، تترسخ قناعة لدى العديد من المراقبين بأن ما يخطط له، وقطع شوطا بعيدا في موضوع "صفقة القرن"، يؤكد أن ثمة أنظمة عربية لم تتعلم من دروس وأحداث مضت، وكأن التاريخ أصم وأبكم، وهذه الأحداث ليست ببعيدة، فعلى الأقل، لو نظر الجيل الثاني والثالث من الزعماء والرؤساء والملوك العرب إلى اتفاق "كمب ديفيد" لوجد أن هذا الاتفاق ولد ميتا، وأُحرق في شوارع بيروت، إذ كان مخططا للبنان أن يكون الحلقة الثانية بعد مصر ينضوي في فضاء الكيان الصهيو-أميركي، فاندحرت إسرائيل وأسقط "اتفاق 17 أيار" 1983، حتى جمهورية مصر العربية لم تتمكن من ترجمة "كمب ديفيد" بأكثر من علاقات دبلوماسية، ولم يترجم التطبيع مع سائر النخب المصرية، نقابات ومثقفين وشعبا رافضا وما يزال لاتفاق الذل والعار.
ما يجري اليوم لا يختلف في أهدافه عما شهدناه في ثمانينيات القرن الماضي، وما اختلف هو التسمية فقط، بين "كمب ديفيد" و"صفقة القرن"، باستثناء أن التوصيف الثاني أطلقه رئيس عربي مندفع بعد لقائه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض، وسحب خلفه دولا باتت جزءا من الصفقة، وسط أوهام قديمة متجددة من أن السلام مع إسرائيل وارد دون ثمن!
ما يستدعي السخرية أن زعماء يسيرون بـ "خطى عمياء" خلف مستشار الرئيس الأميركي وصهره جاريد كوشنير، غير مستقرئين النتائج والعواقب من شعوبهم على الأقل، وقد أكد الأخير قبل نحو يومين أن الكشف عن "صفقة القرن" حول التسوية في الشرق الأوسط سيتم بعد انتهاء شهر رمضان، ربما مراعاة لشعور العرب والمسلمين.
ويبدو أن كوشنير ينتظر للإعلان عن "الصفقة" بعد تشكيل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حكومة جديدة في إسرائيل وانتهاء شهر رمضان الكريم مطلع حزيران (يونيو) المقبل، وسط "حرص" أميركي لافتا للانتباه لجهة النظر في "حلول وسط معقولة من شأنها أن تجعل السلام قابلا للتحقيق"، وفي مَا توافر من معلومات، فقد دعا صهر الرئيس ترامب مجموعة من السفراء في واشنطن إلى "الانفتاح الفكري" تجاه خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للتسوية في الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن الخطة تقضي بتنازل الطرفين.
لا يعلم جاريد كوشنير الصهيوني الهوى أن الدول التي يعول عليها لتمرير صفقة لن تمر، حتى لو أردات بعض الأنظمة تنصيبه زعيما "عربيا"، فالكلمة الفصل ستكون للشعوب العربية لا لأنظمتها، ولن تكون "صفقة القرن" أكثر من صفعة مؤجلة على وجوه من يسوقون لها من عرب أقحاح!