تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- محمد صالح أبو الحمايل
يجتهد "الخبراء" الإقتصاديون العاملون لدى الدولة والقطاع المصرفي في ابتداع صيغ متعددة لمعالجة الأزمة الإقتصادية والمالية التي تعانيها الدولة، مع تنظيم معلقات في مديح للقطاع المصرفي الذي "يضحي" بتقديمه الديون للدولة، والذي يرفض وبعناد متكابر التنازل عن جزء يسير من أرباحه لمساعدة هذه الدولة التي ينظر إليها هذا القطاع على أنها بقرة حلوب يستنزفها حتى الرمق الأخير دون النظر إلى العواقب، وفي تصريح قديم يتجدد لرئيس جمعية المصارف جوزيف طربيه أن القطاعات الإقتصادية في لبنان كلها يمكن أن تنهار ما عدا قطاع المصارف فهو الوحيد الذي يبقى صامدا رغم كل شيء، وتكمل الدولة المعزوفة حين تقول بأن ثمانين بالمئة من ديونها هي ديون داخلية، ما يعني أنها تستدين من البنوك وبفائدة مرتفعة من أجل سداد أجور الموظفين لديها وهي أكبر رب عمل، ثم تقوم بتحصيل الضرائب من المواطنين أصحاب الدخل المحدود لتقوم بتسديد الفوائد والدين الذي يتراكم للبنوك، فتعيش البنوك في أحسن أحوالها بينما يعيد الموظف والعامل والمتكسب ما قبضوه مرة أخرى للبنوك وفاء للدين وفوائده.
هكذا تتم الدورة الإقتصادية في لبنان في عملية نهب متمادية تزداد يوما بعد يوم، وقد بتنا نششهد في الأيام الأخيرة على شاشات التلفزيونات كما من الإعلانات التوجيهية للمواطنين للإستدانة أو لتوصيل معلومات ذات طابع تاريخي أو طبي أو إجتماعي من أجل تلميع الصورة.
أما الحلول التي يطرحها جهابذة الإقتصاد بالحسم من رواتب الموظفين فهي عبارة عن ضريبة مضاعفة، حيث أنهم يدفعون الضريبة غير المباشرة أول مرة، وها هم يفرض عليهم دفع ضريبة مباشرة مرة ثانية، ولا يلاحظ أولئك الجهابذة أن القوة الشرائية للمواطنين من أصحاب الدخل المحدود موظفين وعمالا وكسبة سوف تنخفض بشكل حاد وهي منخفضة أصلا منذ زمن طويل، وأصحاب المحلات يشكون قلة المبيع في مختلف المناطق اللبنانية، فكيف ستكون الحال بعد تخفيض الأجور؟
سوف لن يكون بمقدور رب العائلة أن يشتري الكساء لعياله ولن يقدر على الوفاء لدفع أجرة السكن ولن يستطيع أولاده الذهاب إلى السينما ولا أن يأخذهم إلى مطعم أو منتزه اعتاد اللبنانيون أن يقضوا فيه أيام العطل والأعياد، ناهيك عن مناسبات الأعياد التي سوف تنقلب إلى أيام حداد حزينة، وبدلا من أن تقدم الدولة والمؤسسات كما في دول العالم مكافأة شهر عيدية نراها تعمل على خفض المعاشات وتقليصها مما سوف ينعكس سلبا على القوة الشرائية للمواطنين، وركودا وكسادا إقتصاديا في الأسواق وعلى التجار وأصحاب المحلات.
إن هذه الخطوة التي ترمي الحكومة إلى أن تقوم بها لا بد لها أن تنعكس أيضا على كافة القطاعات الإقتصادية والمالية، ولن يسلم منها لا التجار ولا حتى البنوك، ويبقى إعادة هيكلة الإقتصاد أمرا غائبا عن المستشارين الإقتصاديين للدولة والبنوك، فيبقى الإقتصاد مجرد إقتصاد خدمات بعيدا عن برامج لدعم الزراعة والصناعة وإيجاد فرص عمل منتجة للعاطلين عن العمل وللأجيال القادمة.
إن إعادة هيكلة الإقتصاد وتحويله من إقتصاد ريعي إلى إقتصاد منتج هو الحل لمشاكلنا الإقتصادية، وهذا الحل يقينا لن تستطيع طبقة الفساد المتحكمة فهمه ولا إنجازه لأنه ببساطة يخالف مصالحها.