تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
قبل أيام قليلة كان وزير المال علي حسن خليل قد طمأن اللبنانيين بألا تخفيضات على الرواتب، لكن بالأمس عاد واقترح خفض أجور العاملين في القطاع العام والمتقاعدين، محددا النسبة بـنحو 15 بالمئة، وذلك من ضمن سلّة تتضمن رفع بعض الإيرادات، وسرعان ما تلقف رئيس الحكومة سعد الحريري الاقتراح، وقام بعرضه على شركائه في الحكومة لمقايضة زيادة الضريبة على أرباح الفوائد بخفض الأجور، لكن الإقتراح أول من اعترض عليه ممثلو "حزب الله" و"الحزب التقدمي الاشتراكي".
اليوم وقبل ساعات قليلة، عاد وأكد حسن خليل، في تصريح من مجلس النواب أن مشروع الموازنة لا يتضمن ما يحكى عن تخفيضات على الرواتب، وهذا يعني أن ثمة إرباكا لدى أهل السلطة، فيما المسؤولية مضاعفة على وزير المال، وهو في موقف لا يُحسد عليه، وما يتم تسريبه يشي بأن الحكومة تتخبط وغير قادرة على الخروج من مأزق الموازنة.
في كل الأحوال، ما عاد ثمة ما هو أوضح أكثر من "كلام" الشارع، لأنه نابض بالوجع ومجلل بالخوف، وفي مَا خص المسؤولين ما عدنا نعرف من نصدق، وإلى من نلوذ بحثا عما يبعث في نفوسنا الإطمئنان، خصوصا وأنه في مقاربة لمؤشر الغلاء كان على الحكومة أن تضع ضمن أولوياتها تصحيح الرواتب عبر رفع الحد الأدنى للأجور، لا البحث عن تسويغ تخفيضها.
التخفيض يعني سرقة مقنعة لحقوق الناس، والسرقة – إن حصلت – هي جنحة يفترض أن تقود مرتكبيها إلى السجون لا إلى ساحة النجمة، والمشكلة أن الشعب تأخر إلى الآن في تحديد العنوان بين ساحة النجمة ورومية، فإذا كان أهل السلطة أنفسهم أقروا بوجود فساد وهدر (سرقة) وسوء استخدام للمال العام (سرقة)، وتحاصص (سرقة)، واقتسام مغانم الصفقات (سرقة)، فضلا عن التدخل في القضاء (سرقة)، واستباحة الأملاك البحرية (سرقة)، أفلا يستدعي ذلك أن يكون المتورطون في رومية مثلا؟!
إذا كان الفساد أكبر من مواجهته إلا في حدود رفع العتب، أوليس الفساد نفسه مجلبة لسرقات موصوفة؟ ونحن هنا، لا نفعل بأكثر من إدانتهم بما اعترفوا به، والاعتراف سيد الأدلة، ومن ثم إذا كانت السلطة مقتنعة بأن ثمة فسادا (باعترافها)، فلماذا لا تواجه الفساد إذا ما أرادت موازنة منصفة للطبقات الفقيرة؟ ولماذا لم نسمع عن وقف الهدر في مظاهر البذخ الرسمي؟
يبدو إلى الآن أن السلطة غير مقتنعة بأن تتقشف وتغريها مظاهر البذخ، ولهذا السبب (وليس غيره) تستسهل مد اليد على جيوب الناس!