تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- اكرم كمال سريوي
ان اكثر ما يتفق عليه غالبية السياسيين والمواطنين اللبنانيين، هي مساوئ قانون الانتخاب الحالي، الذي أعادنا خطوات الى الوراء، ولم يُشكّل عملاً إصلاحياً لنظامنا الانتخابي.
فهذا القانون كرّس الانقسام الطائفي، وقد لاحظنا كيف تحول الصوت التفضيلي، الى اقتراع مذهبي في كافة المناطق اللبنانية، اثناء الانتخابات الماضية. فلقد جاء القانون مليئاً بالثغرات والهفوات، فهو تمت صياغته على عجل، مع مراعاة لمصالح افرقاء معينين، في تقسيم الدوائر، فشكّل خريطة لنفوذ الفرقاء اللبنانيين وانتهاكاً صارخاً للعدالة والمساواة.
اذا كانت الديمقراطية هي حكم الشعب، وترتكز الى قبول الأقلية برأي الأكثرية، فماذا ينطبق من ذلك على قانونا الانتخابي، وما حصل في انتخابات طرابلس الفرعية؟
بلغت نسبة الاقتراع ١٢،٥٥٪ وفازت ديما جمالي ب ١٩٥٨٧ صوتاً، اي بنسبة ٨٪ من اصل ٢٤١٥٣٤ ناخباً ممن يحق لهم بالاقتراع. وجرت الانتخابات وفقاً للقانون الأكثري القديم رقم ٢٥ تاريخ ٨-١٠-٢٠٠٨ والذي اجازت المادة ٤٣ من قانون الانتخاب الحالي تطبيقه في الانتخابات النيابية الفرعية، وكذلك المادة ١٢٥في الانتخابات البلدية والاختيارية.
واذا كان في حالات الانتخاب التي تصل فيها نسب الاقتراع الى ٥٠٪ يصف الخبراء، في الفقه والقانون، انها تُشكّل نصف ديمقراطية، فماذ يمكن ان نقول عن نسبة ١٢،٥٪ وما هي قيمة أصوات الأكثرية المتبقية، التي لم تشارك في الانتخابات، وماذا عن رأيهم وتمثيلهم؟
كيف يمكن ان نُطلق على هذه الانتخابات اسم (عرس للديمقراطية)؟ عن اي ديمقراطية نتكلم؟ ومن اين هذه المفاهيم العبقرية؟
لا يُحسد اللبنانيون على فهم قياداتهم للديمقراطية، ولا على نظرتهم للمصلحة العامة، ولا على ما وصلت اليه اوضاعهم الاقتصادية والسياسية.
وبالرغم من الإحجام عن المشاركة في الانتخابات الطرابلسية، إِلَّا ان المواطنين أوصلوا رسالة الى المسؤولين، وخاصة تحالف زعماء طرابلس الأقوياء، الذين فشلوا في دفع الناس الى المشاركة، فشكلت نسبة المشاركة الضئيلة ضربة للادعاءات المزيفة عن الديمقراطية وصحة التمثيل، ورفضاً لسياسة الاستزلام وهدر المال العام ، ومشاريع اصلاح مالية الدولة على حساب الفقراء.
لقد ابطل المجلس الدستوري نيابة ديما جمالي دون ان يُعلن فوز منافسها طه ناجي، باعتبار ان الفارق بين كسر لائحة المستقبل ٠،٥٥٢٤٩ وكسر لائحة الكرامة الوطنية ٠،٥٥٢٥٦ يبلغ ٠،٠٠٠٠٧ من مئة الف اي انه يكاد يكون معدوماً !!!
وبالطبع ان اجتهاد المجلس الدستوري برأينا، لا ينطبق مع القانون، الذي حصر الفوز بالكسر الأكبر دون تحديد نسبة معينة للفارق. ثم ان معظم القوانين الانتخابية، تُقر الفوز حتى ولو بفارق صوت واحد، فلماذا نقض الدستوري هذه القاعدة العالمية؟ وبالطبع كان أعضاء الدستوري يعلمون جيداً، ان أعادة اجراء الانتخاب وفقاً للقانون الأكثري، ستصب في مصلحة ديما جمالي ، كونها تنتمي الى اللائحة الأقوى. مما يجعل هذه العملية بكاملها عبارة عن مسرحية لا لزوم لها، ولا لتكلفة إضافية تتكبدها دولة منهكة اقتصادياً.
وأياً يكن الامر فان هذه الانتخابات سلطت الضوء على ثغرات قانون الانتخاب الحالي، الذي أبقى الباب مشرعاً على عملية اللجؤ الى الأكثري، للحصول على مقاعد إضافية، او لإجراء عملية توريث في اللوائح القوية. فماذا لو استقال احد النواب، وقام بترشيح ابنه، الذي سيضمن فوزه حتماً، وفقا للنظام الأكثري في دائرة معينة؟
والاهم من ذلك كله ان حجم المشاركة الانتخابية الهزيل في طرابلس، اظهر استياءً عارماً من سلوك الطبقة السياسية، وأسقط شرعية تمثيلهم لارادة الناس، وآمالهم، وكشف عيوب قانون الانتخاب، الذي لم يعالج مسألة الإحجام عن المشاركة، ليصح القول، انه وفقاً لقواعد العدالة وشرعية التمثيل في المبدأ الديمقراطي، سقط قانون الانتخاب اللبناني، وسقط معه كل ما حُكي عن اصلاح وتطوير في نظام التمثيل النسبي الموهوم.