تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
عند الاستحقاقات الكبيرة غالبا ما تتحالف قوى السلطة لإقصاء من يغردون خارج سربها، ولا سيما القوى الديموقراطية غير "المتطيِّفة" و"المتمذهبة"، فعلى سبيل المثال الاحصر جاءت الانتخابات النيابية الماضية بخارطة تحالفات "سوريالية"، وشهدنا على مستوى كل دائرة إنتخابية تحالفا بين من لا يجمعهم حد أدنى من التوجهات والأفكار السياسية، وفي الانتخابات النقابية تتحالف كل قوى السلطة بسائر تناقضاتها لمنع وصول مستقلين، وكذلك في انتخابات مجالس الطلاب في الجامعات، وفي مَا شهدناه خلال هذا الموسم الدراسي، وبينما كانت حرب المواقف مستعرة وعلى أشدها بين قوى السلطة، شهدنا تحالفات بين ممثلي هذه القوى بعيدا من التراشق "التويتري" بين من يمثلهم من أحزاب وتيارات سياسية.
في لبنان، ووسط هذه التركيبة السياسية الديماغوجية والهجينة، مع ما يستلزمها من مسوغات طائفية ضمنا، ووطنية علنا، ممنوع على الديموقراطيين والمستقلين من الوصول إلى النقابات والندوة النيابية ومواقع المسؤولية، ولسبب بسيط، يتمثل في أن هؤلاء من كل الطوائف ولا يمثلون طائفة بعينها، لا بل يمثلون توجهات وطنية عامة، ومن الطبيعي أن يتجاوز تحالف السلطة كل تناقضاته في سبيل إقصاء أي صوت يغرد خارج سرب طائفته.
وفي مشهد الانتخابات الفرعية في طرابلس نرى الواقع عينه، وإن باختلافات بسيطة، فقد اجتمعت القوى السياسية في مواجهة أي مرشح لا يمثل توجهاتها، وإن اقتضى الأمر اللعب على وتر الطائفة، "وبيع" الشعارات لعاصمة الشمال، وعودة تلك اللازمة الانتخابية القائلة برفع الغبن عن طرابلس، ولم نجد يوما، ومنذ أن استعادت الدولة حضورها أن الغبن رُفعَ عن طربلس خصوصا والشمال بوجه عام.
قدمت القوى السياسية الوازنة مشهدا تحالفيا لصالح ديما جمالي، وتناسى الجميع خلافاتهم، وشهدنا مصالحات "تاريخية" بين من فرقتهم السياسة، وتبادل زيارات وتنسيقا كي لا "يزمط" مرشح مستقل أو أي مرشح آخر يمثل الفريق السياسي الآخر في السلطة، أي "حزب الله" وحلفائه، ومن هنا ستكون الانتخابات محطة لتجديد الولاء للقوى المتبنية لجمالي، في انتخابات يصح توصيفها بـ "انتخابات ديما جمالي" الفرعية في طرابلس.
وكان الأجدى في ظل هذا الجو من "الديموقراطية" السمحاء أن تعلن جمالي فائزة بالتزكية، وأن يرفع المتحالفون قبضاتهم ملوحين بعلامة النصر للجمهور الطرابلسي، على قاعدة أن الغبن ولى عن عاصمة الشمال إلى غير رجعة.
ملاحظة: لا تعبر وجهة النظر هذه عن موقف يطاول المرشحة ديما جمالي، وإنما تلحظ الجانب الآخر من المعركة الانتخابية في تجليهاتها وتمظهرها الطائفي والسياسي في قانون انتخاب "أعور" يكرس الطائفية في النفوس والنصوص، ويُبقي اللبنانيين أسرى نوازعهم وهذا هو المطلوب ليظل أهل السلطة في مواقعهم وعلى أعلى أبراج حصونهم!