تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
في أولى إسهاماته العملانية في مجلس الوزراء، وبعد أن قاسها "بالجملة والمفرق" تفتقت أفكار وزير الاتصالات محمد شقير عن "تخريجة" لرفد خزينة الدولة بنحو 25 مليون دولار أميركي عبر إلغاء الدقائق الستين المجانية التي أقرت في العام 2014 للمشتركين في الخطوط الخلوية "الثابتة" (لاحقة الدفع Postpaid)، علما أن هذا المبلغ كان موضع تشكيك من بعض الوزراء، ويبدو أن ثمة وجهات نظر متباينة أفضت إلى رفض هذه الإقتراح، ربما لخلاف حسابي على "تقريش" المبلغ بالليرة اللبنانية.
لا نعرف لماذا ذكرتنا هذه الواقعة بـ "أبو رخوصة"، تلك العبارة التي قالها رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس عام 2015، في إعلانه بأن الهيئات الاقتصادية لن تسمح بتحويل وسط بيروت التجاري، من مكان "راقٍ" الى "أبو رخوصة" في أوج الحراك الشعبي وقتذاك، ربما لأن ثمة ذهنية واحدة في مقاربة وجع المواطنين، في وقت كان من المفترض أن تلغى فيه الهيمنة على قطاع الاتصالات الخلوية.
لم يتطرق الوزير شقير ولا من سبقه وزراء الاتصالات إلى أن اللبنانيين يدفعون أغلى "فاتورة خلوية" في العالم بسبب السيطرة على هذا القطاع من قبل بعض "أهل البيت"، ولذلك لم يوافق الوزراء على مقترح إلغاء الدقائق الستين المجانية، لا بما برره البعض مستندا إلى ما ورد في رسالة شركة "ألفا" إلى الوزارة، وتشير فيها إلى أن هذه الخطوة ستؤدي إلى انتقال مشتركين إلى الخطوط المسبقة الدفع، ما يلغي الجدوى الاقتصادية لهذه الخطوة، وخلص الوزراء عملياً إلى رفض طلب وزير الاتصالات، وكان ثمة اتفاق يقضى بأن يعود شقير إلى مجلس الوزراء بدراسة جديدة لكيفية تعزيز الإيرادات وضبط الهدر في الهاتف الخلوي.
بالتأكيد لن يتبنى مجلس الوزراء "تحرير" قطاع الخلوي لصالح المواطن، على غرار ما هو قائم في معظم الدول، بمعنى إلغاء الحصرية في هذا القطاع، وهو السبيل الوحيد لتطويره على قاعدة أن المنافسة بين شركات عدة هي السبيل الأمثل لتطوير الخدمات، فضلا عن أن النصيب الأكبر فيها يكون للمشترك، بحيث تضطر الشركات وفي أوج المنافسة لتقديم خدمات أكبر، كأن يكون ثمة ثمن الخط مجانيا، أو تقديم الهاتف مجانا في بعض الحالات، وحوافز تتخطى الستين دقيقة دون مقابل، فضلا عن خفض كلفة الاتصال.
في المحصلة، وبعيدا من هذا الملف، لا يمكن مقاربة الأمور في البلد على قاعدة "راقٍ" أو "أبو رخوصة"، كي لا نشعر بأننا نعيش في زمن ماري أنطوانيت يوم خاطبت الشعب الفرنسي الجائع حين طالب بالخبز، فقالت: "إذا لم يكن الخبز موجودا فلماذا لا نأكل نأكل البسكويت؟!"، علما أن مصير ماري أنطوانيت كان الإعدام بالمقصلة، ولا نريد أن تدخل ملكة فرنسا على خط قطاع الخلوي في لبنان!