تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
أكثر سوق لم يتأثر بالظروف الأمنية والاقصادية والحروب العسكرية "سوق السياسة"، إذ لم يشهد خضات ساهمت في تراجع الأسهم وانخفاض الأسعار، ودائما البورصة "بتشد طلوع" بالنسبة لـ "أيتام الإقطاع" ولحديثي النعمة وقديمها أيضا، ومن كان يقود سيارة "مهلهلة" صار اليوم يقود أسطول سيارات "مفيمة"، فالطموح لا حدود له، من عصامية آنية أو من عظامية من مصوا دماء اللبنانيين، وفي لبنان يستوي العصامي والعظامي بالكد والتعب وعرق الجبين، وثمة سياسيون كـ "العلق" يعيشون على سَحب دماء الفقراء، ورغم ذلك ما شعرنا يوما أن فيهم بعض دم، ومن حظي منه بالنذر اليسير فيتميز دمه بأنه "ثقيل" بعض الشيء.
لا يقتضر الأمر هنا عن التوظيف في السياسة كسوق عمل فحسب، إذ ليس ثمة من دخل سوق السياسة و"طلع خسران" وعلى الأقل "ضَمَن آخرتو" مع ذراريه، وهذا ما يفسر امتعاض تجار السياسة من تخفيض رواتبهم إلى النصف، والأنكى أن أحدا منهم ليس بحاجة لمثل هذا البذخ على حساب خزينة الدولة، فجلهم "كانزين" على ثروات، أو تحولوا أصحاب ملايين بعد أن وظفوا في وجع الناس، وإلا كيف نفسر أن طبقة السياسيين في لبنان لا تتأثر بالظروف الاقتصادية الصعبة؟
لا نقول ذلك من قبيل "النق" و"الحسد"، لكن القطاع السياسي عموما مثله مثل قطاع الخدمات، مع فارق بسيط، وهو أنه قطاع "كَسِّيب ربِّيح" ومن دون تعب، اللهم باستثناء بعض الولائم لزوم العلاقات العامة والخاصة، فضلا عن اضطرار السياسيون المبتدئين أن يعمل معقبي معاملات في دوائر الدولة مؤقتا، كل بداية صعبة، لكن نتائجها مضمونة.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن ثمة ظاهرة في لبنان تتمثل في كثرة المرشحين للانتخابات النيابية، لكن سوق العمل السياسي محدود، وإلا لكان معظم اللبنانيين أصحاب ثروات، ومن ثم في الشأن العام هناك بيع وشراء، ولا يقتصر الأمر على عقارات، فالبيع والشراء ناشط هذه الأيام على مستوى الذمم، كل ذمة بسعر، المهم متى يكون الشراء ومتى يصبح البيع جالبا لمكاسب أكبر.
قد يحدث في بعض الأحيان أن ثمة من يطرح بعضا من ذمته (الواسعة) في سوق البورصة السياسية، ولا يجد من يشتري، وإذا اضطر البيع بخسارة فسيعوض سريعا، المهم أن يحسن إدارة ما بقي من ذمة، وإن كان في ذلك مذمة، فالأمور تمر دون خسائر، فاللبنانيون "طبعهم نَسَّى"، المهم أن سوق السياسة في لبنان تجارته رائجة!