تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
أكثر ما استوقفنا على مواقع التواصل الاجتماعي يوم أمس، وعلى خلفية انتقاد وزير الاقتصاد والتجارة منصور بطيش لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة غامزاً من قناة سياسته المالية، ما قاله ناشطون "فيسبوكيون" من أن "الحاكم سلامة ثبت سعر صرف الليرة اللبنانينة لكن لم يعد ثمة ليرة واحدة في جيوبنا"!
بالتأكيد لا يمكن تحميل سلامة تبعات واقع إقتصادي خلف ويلات وكوارث على اللبنانيين طوال السنوات العشر الماضية، ولا يمكن أيضا التقليل من دوره في حماية المصارف اللبنانية من ارتدادات الأزمة المالية التي عصفت بالعالم انطلاقا من الولايات المتحدة الأميركية، وما عرف وقتذاك بـ "الفقاعة العقارية"، وفجرها في العام 2007 تهافت البنوك على منح قروض عالية المخاطر، وبدأت الأزمة تكبر ككرة الثلج لتهدد قطاع العقارات في الولايات المتحدة ثم البنوك والأسواق المالية العالمية لتشكل تهديدا للاقتصاد المالي العالمي.
ما يهمنا في هذه العُجالة، الإشارة إلى أن في لبنان دائما ثمة من هم خارج النقد، في السياسة كما في الاقتصاد وفي سائر القطاعات، وهذا ما بدا فاقعا بعض الشيء خصوصا في ما أشارت إليه مصادر في مصرف لبنان، وردت بما هو شخصي على الوزير بطيش، وعزت الأمر إلى أنه كان يطمح لأن يصبح هو الحاكم للمصرف المركزي، وان مشكلته شخصية مع سلامة، الذي كان تمكن من تطويق تململ رئاسي منه عند بداية العهد وطموحه لأن يأتي بحاكم جديد، رغم ان سلامة تحوّل إلى عنوان للاستقرار النقدي، بحسب المصادر عينها.
في المقال، نفت مصادر وزارية قريبة من وزير الاقتصاد أن تكون الملاحظات التي وجهها بطيش حول السياسة المالية والنقدية، موجهة ضد الحاكم سلامة، موضحة بأن الوزير وجه أسئلة حول الهندسة المالية التي أجراها سلامة لمعرفة كيف وضعت ولأي هدف وما هي نتائجها الفعلية، ولا خلفيات أخرى وراء الطرح، وان الوزير يربط الإصلاح المالي وفي الموازنة بالاصلاح النقدي، عدا عن طرحه موضوع التهرب الضريبي الذي يكلف الخزينة سنوياً قيمة عجز الكهرباء، خصوصا مع ضعف الجبايات، وموضوع وضع نظام موحد للتقديمات الصحية والاجتماعية بدل توزعها على أكثر من قطاع وإدارة، مشيرة الى ان كل الخطوات والاقتراحات التي يطرحها أو سيطرحها الوزير ستكون بالتنسيق مع الحاكم سلامة ومع وزير المال بالتأكيد.
كل ذلك يفضي إلى أن ثمة خلافات في وجهات النظر حول بعض القضايا المتصلة بالسياسات المالية بين الوزير بطيش وسلامة، لكن هل يستأهل كل ذلك استنفار مصادر "المركزي" انتصارا للحاكم؟ وتاليا، لماذا تصوير الملاحظات حول سياسة المصرف المركزي استهدافا لشخص الحاكم؟
ونعود إلى مواقع التواصل الاجتماعي، إلى وجع الناس، إلى نبض هذا الوجع، وإلى السخرية اللاذعة، حين عمد البعض إلى اللعب على الكلام تعبيرا عن واقع لا يشي بغير استمرار الأزمات، حين أشار إلى أنه في لبنان هناك دائما "الحاكم بأمر الله" في السياسة، و"الحاكم بأمر المال" في الاقتصاد!