تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- * " فادي غانم "
يوم رفعت لافتة في إحدى قرى منطقة الشوف قبل أشهر عدة، حملت عبارات تذكر بالحرب الأهلية، اتصل وزير المهجرين غسان عطالله (ولم يكن يومها وزيرا) برئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، وتباحث معه في الأمر، وعلى الفور أوعز جنبلاط لمريديه بإزالتها فورا.
هذا الواقعة بتفاصيلها تناهت إلينا تواترا من مسؤولين أظهروا حرصا على حماية المصالحة بأهداب العيون، ومعها تأكدنا أن المصالحة تتكرس أكثر بهذا المناخ من التوافق والانفتاح، بعيدا من يوميات السياسة وخلافاتها، أي بكل هذا الحرص على تخطي ما يكدر صفو الحياة في منطقة عزيزة من لبنان، وهذا نموذج (من بين نماذج كثيرة) يؤكد أن المصالحة إرادة وعزيمة، وقدرة على صوغ خطاب جديد يحاكي المستقبل، ويحمي حدود الجبل ولبنان بالوعي وبثقافة العيش الواحد.
المصالحة إرادة ومسيرة طويلة على أنقاض الوجع والخوف والتهجير والموت، ولأنها كذلك، يتوحد أبناء الشوف على الوجع عينه، في مناسبة ستشكل محطة تاريخية في جبل لبنان، تماما كما المصالحة التاريخية التي رعاها أبينا غبطة الكاردينال ما نُصرالله بطرس صفير، وهذه المرة سيكون غبطة أبينا الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي حاضنا لمناسبتين، ذكرى إستشهاد كمال بك جنبلاط وقداس "التوبة والمغفرة" الذي سيقام تخليداً لأرواح شهداء تلك الحقبة المريرة الذين إفتدوا الجبل بدمائهم الطاهرة فكانوا شهداء على مذبح الوطن وشاهداً على المؤامرة التي إستهدفت صيغة العيش المشترك الفريدة التي ميزت جبل لبنان عبر التاريخ، بحسب ما أشار الوزير عطالله.
المصالحة إرادة وتحليق في فضاء إنساني أبعد من حدود ماضٍ لا نريده حتى مجرد ذكرى، على قاعدة "لا تنذكر ولا تنعاد"، والبحث عن محطات مضيئة في ماضٍ آخر نريده أن يستمر، ماضٍ يشكل إرثا نستعيد معه أشتاتنا وأشلاءنا الموزعة على قارعة الخيبات والألم، من أجل ترميم حضورنا بالمحبة وقيم التسامح والغفران، وهنا، تأتي رعاية فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بمباركة صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بطريرك انطاكية وسائر المشرق للطائفة المارونية لقداس "التوبة والمغفرة" تخليداً لذكرى شهداء الجبل في دير القمر يوم السبت المقبل بدعوة من وزير المهجرين غسان عطالله للمشاركة في الاتجاه الصحيح.
وسيلي القداس كلمة لرئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط وكلمة لممثل فخامة رئيس الجمهورية الوزير جبران باسيل، وجاءت تغريدة جنبلاط معبرة في مقاربته للمناسبة، حين أشار إلى أن "نجاح قداس المغفرة والتوبة في دير القمر بأبعاده المستقبلية التي نتطلع اليها يتجسد بضمان حضور كل عائلات الشهداء الابرار الذين سقطوا في ذلك اليوم المشؤوم عندما ارتكبت جريمة اغتيال كمال جنبلاط، نقول هذا كي لا يطغى على الاحتفال حضور الشخصيات والمرافقات على حساب أصحاب العلاقة".
بهذا الجو من التلاقي بين أركان الدولة وقواها السياسية والروحية نبني لبنان الغد، لبنان الرجاء ولبنان الرسالة.
*الحاكم السابق لجمعية أندية الليونز الدولية – المنطقة 351 (لبنان، الأردن، العراق وفلسطين)
*رئيس "جمعية غدي"