تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
انتهت معركة مواجهة الفساد ما إن انطلقت، وما نراه اليوم ليس بأكثر من إجراءات تأديبية لن ترقى إلى مستوى معركة، أي أنها محكومة بسقوف بدت واضحة ولا اجتهاد يفضي لغير ذلك، وما لا بد من قوله دون مواربة، وإنما عن قناعة راسخة أن تحالف قوى السلطة يمثل حاضنة للفاسدين.
ونقول أكثر، ومن على رؤوس الأشهاد بأن نظام التحاصص الطائفي أعجز من أن يقود معركة استعادة الدولة من الفاسدين، ولا نتحدث في هذا المقام عن رشوة من هنا وسرقة من هناك، وإنما نتحدث عن "كارتيلات" المال والمصالح والصفقات وهم محميون محصنون، من سارقي وناهبي الأملاك البحرية إلى ناهشي الجبال بكساراتهم ومقالعهم وملوثي هواءنا ومياهنا وشواطئنا، وصولا إلى من يتكسبون من مواقع الدولة (سمسرات، دراسات وهمية، مصاريف ونثريات وسفريات واستجمام)، وبعض هؤلاء لا يجوز مساءلتهم وسوقهم إلى القضاء مخفورين ومكبلين بالأصفاد.
نعم، ودون مواربة أيضا، انتهت المعركة في مواجهة الفساد عندما تحركت طائفة واضعة خطوطا حمر مانعة مساءلة مسؤول، والحال سيتكرر مع كل الطوائف إن دنا أحدهم من مسؤول كبير، وستضع بدورها خطوطا حمر.
نعم، المعركة انتهت، وما نراه اليوم وسنراه غدا ليس بأكثر من منازلات صورية، والموضوع طويَ، فالطوائف قالت وستقول كلمتها، بألا أحد يقترب من رمزية الطائفة، خصوصا إن مست قضية ما أحد رموزها، ومن يظن أن الفساد قابل للاجتثاث فلا بد وأنه محكوم بوهم لبناني عصي على الفهم، كل ما في الأمر أنه سيتم تشذيب شجرة الفساد ولن يجرؤ القضاء على مس جذورها، ما يعني أن الشجرة إياها ستكون قادرة على التفريخ والانتشار من جديد، وسيتفيأ ظلالها فاسدون ومفسدون ومتورطون ومرتكبون.
أما في موضوع "الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد" فلننظر إلى آلية تشكيلها وإلى حدود مسؤولياتها، لنتأكد أن دورها لن يكون حاسما وجازما، طالما أنها ممثلة لتحالف السلطة، أي للطوائف بتماسكها وتآزرها وتحالفاتها الحامية لمصالحها.
ننظر بعين الثقة إلى ما أكده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في موضوع محاربة الفساد، ولا سيما تأكيده بألا حصانة لأحد في معركة مكافحة الفساد وكل متهم عليه أن يمثل أمام القضاء، نثق بكلام فخامة الرئيس، ونتلمس جدية استثنائية هذه المرة، لكن إن لم نر الفاسدين من "علية القوم" خلف قضبان العدالة أو تحت قوسها، فستظل جذور الفساد آمنة، وإن لم نر أيضا مسؤولي الصف الأول يُساءلون ويحاكمون فلا أمل يرتجى وإن صدقت وخلُصت النوايا!