تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
– أنور عقل ضو
من يعيش أوهام القوة نقول له أنت أوهى خيط عنكبوت، ومن يظن أن القوة في لبنان تتأتى من عدد المحازبين والمنتسبين إلى حزب أو تيار، نقول له، مهلا، وارحم عقولنا، واعلم أن أي تيار سياسي بصبغة طائفية لا يمكن أن يكون قويا لأنه يكون جزءا من نسيج سياسي واجتماعي ممزق ومتهرىء سلفا، والقوة الحقيقية في لبنان تُفرض بغير قوة، أي ساعة يتمكن تنظيم سياسي من اختراق كل الطوائف، ومهما ظن البعض أنهم أقوياء، ففي النهاية هم زعماء لجزء من طائفة، سِمــَــتُهم دائما الضعف والتقوقع، ولا يعوض خطابهم "القوي" حضورهم المتهاوي.
يوم قرر رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط أن يكون زعيما لطائفة غدا حزبه كسيحا بلا أطراف و"تقوقع" بين الجبل وحواضر حاصبيا وراشيا، ويوم كان الشهيد كمال جنبلاط زعيما بحجم وطن كان قادرا أن يفرض حضوره الوطني والعربي في معادلة السياسة الداخلية والخارجية، ولمن لا يتذكر، كان كمال جنبلاط "صانع الرؤساء"، وبالرغم من أن في هذا الأمر بعض المبالغة لكن نسوقه كمثال بأن الأقوياء في لبنان هم من يمثلون حيثية وطنية لا طائفية.
في لبنان ليس ثمة من هو قوي، فـ "حزب الله" بترسانته العسكرية وهي تثير قلق إسرائيل وخوفها، ليس قويا إلا بقدرته على اختراق الطوائف والقوى المؤمنة بدوره وسلاحه في مواجهة العدو الإسرائيلي، "حزب الله" قوي ليس بسلاحه وإنما بحلفائه، وعندما تتملك أحدهم أوهام القوة يكون قد آثر أن يظل في دائرة الوهم، الكل في لبنان عاش أوهام القوة، السنة في زمن الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر ولاحقا في حمى المقاومة الفلسطينية وسلاحها المتفلت، وكانت النتيجة أن دمر لبنان، الموارنة في مرحلة ما مارسوا هذا الدور بحكم العلاقات والتحالفات مع الغرب، والدروز في محطات ثاريخية ماضية، والنتيجة أننا كرسنا انقسامات أضعفت الجميع.
أما في موضوع الحكومة، فالقوة تتجلى عندما يكون ثمة اتفاق على مواقف واضحة ومحددة، وأن يكون كل فريق جزءا من نسيج سياسي متنوع ومتراص، ولا يتملكنا وهم بأن محاربة الفساد واردة في ظل حكومة الطوائف، الفساد يستريح في مكان ما الآن، ينتظر أن تنتهي زوبعة محاربته ليعود ويمارس دوره وبأكثر مما كان، وبأمان أكبر، لأن الطائفية ليست مجلبة للفساد فحسب، وإنما هي بعض تجلياته، فكم من فاسد يحظى بغطاء زعامتي؟
وبالعودة إلى مقولة القوة، لا زعيم لطائفة أو لمذهب يمكن أن يكون قويا، والصراخ من على المنابر لا يغير حقيقة أن لبنان يحكم بالتوافق ومحكوم بتسويات، ولا يمكن أن تنضبط الأمور بغير التواضع، وإذا كنا محكومين بانتماءات دينية، فالمفروض أن يأخذنا المؤمنون بحلمهم، وأن يخافوا الله لأن التاريخ لن يرحم مدعي القوة في وطن كسيح!