تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
بدا شعار " رفع الفقر عن طرابلس " في اليومين الماضيين نافرا وفظا، يفتقد إلى حد أدنى من ثقة ومصداقية، لا بل يتضمن مغالاة و"فرقعة" إعلامية وتوظيفا سياسيا انتخابيا مكشوفا، فضلا عن أنه لم يراعِ مشاعر أبناء هذه المدينة الرابضة دوما وتاريخيا على تخوم الوجع والمعاناة والقهر.
منذ اتفاق "الطائف" ومع أول انتخابات نيابية يشهدها لبنان بعد سنوات الحرب الطويلة رفع المرشحون عن المدينة وباسمها شعار دعم أبناء طرابلس في مواجهة الحرمان والذل والفقر، وإلى الآن لا شيء تغير، حتى غدت الشعارات الانتخابية مجرد كلمات جوفاء، لا بل موسمية متصلة باستحقاق ما، فيما المدينة ما تزال غارقة بحر الفقر والعوز وحاضرة في صحراء الإهمال.
لا نعلم كيف دبت الحمية لدى ذوي الشأن من مسؤولي الدولة وفاعليات المدينة بسائر تلاوينهم السياسية، وبان الحب لطرابلس فجأة دون سابق إنذار، فمنذ أكثر من ثلاثين سنة، أي منذ أن وضعت الحرب الأهلية في لبنان أوزراها وعاصمة الشمال شبه مغيبة عن الخارطة الخدماتية والتنموية والاقتصادية، إلا في حدود لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا نقول ذلك من عندياتنا، فقبل يومين بالتمام والكمال وفي أعقاب المصالحة بين من فرقتهم السياسة، ثمة من اندفع مقررا مواجهة "الفقر"، وهذا اعتراف صريح واضح لا لبس فيه بأن الفقر موجود، وبشهادة رسمية.
أن تعلن قوى سياسية حاضرة على مسرح السياسة منذ ثلاثة عقود وأكثر، بأنها ستواجه الفقر، فهذا لا يعدو كونه استنساخا لشعارات انتخابية سابقة، وفي مكان ما "ضحكا على الدقون"، ولا نصب الزيت "الرسمي" على نار المعاناة، فواقع الحال لا يحتاج أكثر من جولة في أحياء طرابلس الفقيرة ليقول الناس أنهم لم يشهدوا اهتماما غيَّر من أوضاعهم وحسَّن ظروف حياتهم.
بالتأكيد، المطلوب اليوم التحشيد "ورص الصفوف" لتكريس واقع سياسي غير منفصل عن المشهد العام في البلاد، ومثل هذا التحشيد آخر ما يتقصد التنمية ومحاربة الفقر، إلا إذا فاجأنا الفريق الرابح في الانتخابات الفرعية بتحويل طرابلس إلى جنة خدماتية واستثمارية.
لتخض القوى السياسية معاركها، وهذا حق كفله الدستور، لكن على قاعدة عدم المتاجرة بوجع المحرومين من أبناء المدينة، وليطرحوا شعارات قابلة للتصديق، أما أن يستهدفوا مواجهة الفقر دفعة واحدة، ففي ذلك "شطحة" تحسب عليهم، بانتظار أن يأتي يوم يتمكن فيه الطرابلسيون وجميع اللبنانيين من المحاسبة في صناديق الاقتراع!