تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
من المتوقع أن يحمل وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو في زيارته المرتقبة لبيروت رسالة أميركية واضحة عنوانها مواجهة خيارات " حزب الله " في المرحلة المقبلة، وهذا ما مهد له نائبه ديفيد ساترفيلد ، فيما يبدو بعض إرهاصات الهزائم الأميركية في المنطقة، وكأن الدولة العظمى تبحث عن "نصر" مؤزر من على الساحة اللبنانية، تعوض فيه اهتزاز صورتها في العالم، ودائما بالوقاحة عينها في التدخل بشؤون الدول وتنصيب نفسها وصية على شعوبها.
وفي هذا السياق، لا مخاوف من دور أميركي يقوض استقرار لبنان، فالتجارب السابقة واندفاع مسؤولين لبنانيين لوضع البيض في سلة الأميركي ولى زمنها، لا بل دفع لبنان أثمانا باهظة حروبا ومآسٍ ودمار، وما كان بالأمس متواريا حيال السياسية الأميركية بات اليوم مكشوفا مع كل ما شهدناه ولا نزال في المنطقة، وأبعد منها أيضا، أي على مسرح السياسة العالمي، فالولايات المتحدة لم تتخطَّ يوما براغماتيتها الشوهاء، ونشهد اليوم تجلياتها الأسواء في تاريخها.
ما يهمنا لبنانيا، أن زيارة بوبيو التي مهد لها مساعد وزير الخارجية الاميركية ديفيد ساترفيلد بصفاقة تضمنت رسالة أميركية إلى المسؤولين اللبنانيين ودعودتهم لمواجهة خيارات " حزب الله " في المرحلة المقبلة، وهذا ما يتطلب موقفا لبنانيا موحدا، وعلى القوى التي تناصب " حزب الله " العداء في السياسة الداخلية أن تتعقل وترعوي، فالموضوع أبعد من حزب مقاوم، ويطاول استقلال لبنان وسيادته، لأنه من غير المسموح أن يتلقى لبنان إملاءات لا الغرب ولا الشرق، ولتبقَ على موقفها من موقع مشروعية الاختلاف الداخلي، دون أن تعمد إلى الاستقواء بالولايات المتحدة أو أي دولة أخرى.
وقمة الوقاحة أن تشير مصادر دبلوماسية إلى أن ثمة استياء أميركي من الموقف الرسمي اللبناني، وعلى وجه الخصوص موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل، الذي يتماهى مع موقف " حزب الله "، ومثل هذا الاستياء يعني أن لبنان على الطريق الصحيح.
نعم هناك ملاحظات على " حزب الله "، فالسياسة تقوم على أفكار وتوجهات، إن كنت معها أو ضدها، ومن حق أي فريق سياسي أن ينتقد، وهذه مسألة داخلية تُدار وفق مناخ ديموقراطي يحترم الآخر ولا يلغيه، وبالتأكيد تحت سقف الدستور، لكن أن يطالعنا ساترفيلد بضرورة زيادة الضغوط على " حزب الله " ومنعه من الامساك بلبنان، بحسب التوصيف الأميركي، فهذه وقاحة، نعم وقاحة، ولإيصال الفكرة أكثر، هل ينصب لبنان نفسه وصيا على أميركا ويحثها على عدم التدخل في فنزويلا؟
لبنان دولة ذات سيادة، والمشكلة ليست هنا، وإنما فيمن لا يزال يعتبر من اللبنانيين أنه خلاف ذلك!