تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- * " فادي غانم "
في لحظات تأمل، يستوقفنا من يتهافتون على السلطة والمال وطالبي الجاه والشهرة، وفي مكان ما، نتساءل: ما قيمة أن يُفني الإنسان عمره في سبيل كل هذه المظاهر؟ ولماذا لا ينشد السلام الداخلي سبيلا وحيدا للوصول إلى السعادة الحقيقية؟
نسوق هذين السؤالين انطلاقا من واقعنا اللبناني وما نعيش من تردي أحوالنا كمواطنين، فيما نرى لدى كثيرين نزوعا نحو تكديس المال وزيادة الثروات والتمسك بمواقع المسؤولية في السلطة وفي مواقع أخرى أيضا، دون أن نشهد تحسنا في أوضاعنا العامة، فالأزمات تتفاقم، وإن كنا نسجل الآن ما يوحي بأن ثمة عملا جادا لمواجهة التعثرات السابقة في مجالات عدة، لكن بوجه عام ليس هناك ما يرضي من حيث ما هو مطلوب لنقف على أرض ثابتة.
من حق كل إنسان أن يحلم ويسعى لتحقيق طموحاته، لكن ما لا يمكن تقبله ويظل عصيا على الفهم، تسخير الموقع لأغراض خاصة في سبيل السلطة والمال، فبعض السياسيين على سبيل المثال راكموا أرصدة وبدت عليهم فجأة مظاهر النعمة المستجدة، ولسنا الآن في وارد السؤال عن مصدر الثروة، فلهذا الأمر مقام آخر، ما يعنينا في هذا السياق ابتعاد هؤلاء عن هموم الناس، فيما هم مدعوون دائما، ومن مواقعهم ومسؤولياتهم إلى معالجة المشكلات الحياتية والخدماتية، وتحقيق الحد الأدنى من وفر اقتصادي يرفع عن المواطنين أعباء بدأوا ينوءون تحتها وتكاد تسحقهم.
المشكلة أن كثيرين لا همَّ لديهم سوى زيادة الثروات وكأنهم مخلدون أبدا، يمعنون في إذلال الناس ويفرضون عليهم تقديم الطاعة وتجديد الولاء في كل سانحة، ويبنون صروحهم من عرق الفقراء وتعبهم، دينهم المال وديدنهم الفساد ، يتسابقون لربح مناقصة بواسطة الأزلام والأتباع، وليستأثروا بحصة أكبر من اقتسام مغانم السلطة، يدمرون غابات لصالح كسارات ومرامل، لا يعبأون بالتلوث يحاصر اللبنانيين من النفايات إلى الصرف الصحي والهواء المشبع بما يسرطن وينشر الموت والمرض، وعينهم على المزيد، ولا نعلم كيف لا ترف جفونهم إن وصل اللبنانيون إلى حافة الفقر والجوع.
بعض هؤلاء يتحصن بالطائفة، فيما الوطن بالنسبة إليهم مطية، ديكور، شعارات جوفاء تُردد في بيانات وتغريدات تستحضر معها التعصب، وتُبقي لبنان واللبنانيين في دائرة الخوف على حاضر ومستقبل.
لهؤلاء، نقول، في مناسبة الصوم الكبير، جملة واحدة يرددهها اليوم جمهور المؤمنين: "أذكر يا إنسان أنك من التراب وإلى التراب تعود"!
*الحاكم السابق لجمعية أندية الليونز الدولية – المنطقة 351 (لبنان، الأردن، العراق وفلسطين)
*رئيس "جمعية غدي"