تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
– أنور عقل ضو
بعد طول انتظار وكثير "احتضار"، بات في شبه المؤكد أن مواجهة الفساد وتحديد السبل الأنجع لمكافحته ستنطلق أخيرا (تصفيق)، وبالتأكيد كما هي العادة، بخطى ثابتة وإرادة لا تلين، وباندفاع وحزم وعزم، ولا ننسى الضرب بيد من حديد وفولاذ وقليل من بطيخ و"فوارغ" مع بعض "المتبلات" اللبنانية و"كاس عرق بلدي متلت أصيل" من عنب مضروب ويانسون مغشوش، ما يعني أن الأمور لن تظل بعد اليوم متروكة لـ "قاشوش" (أو أكثر) يلهط الأخطر واليابس، ويقضم من لحم الناس وما عنّ له من طيبات (سودا نية، معلاق، كراعين وخلافه)، يرتشف بعدها دماءهم مثل مصاص دماء Vampire قادم من البلقان أو أوروبا الشرقية، يزين وجهه قرنان وثغره نابان.
نعم، فيلم رعب بكل ما للكلمة من معنى، ولا يتصورنَّ أحد أن لا مصاصي دماء في لبنان، بدليل أن المواطنين يعانون "فقر دم" حاد ومزمن، مرده إلى "شفط" أموال لم توظف لصالح تأمين القليل من رفاههم، من سرقة شواطئهم في ما يعرف بفضيحة الأملاك البحرية إلى مخالفات الضمان وغيرها، دون أن ننسى مافيات الدواء وغيلان المستشفيات الخاصة، ومن باب التذكير فقط، لو أن كلفة الفاتورة استشفائية للمستشفيات الخاصة وظفتها الدولة في تطوير المستشفيات الحكومية لكنا على الأقل وفرنا المليارات على خزينة الدولة، فضلا عن أن أصحاب المستشفيات يتبغددون ومثلهم أصحاب المدارس الخاصة.
إذا كان المراد والمطلوب أن يكافح الفساد على قاعدة "ما حدا يقرب عالطايفة"، وأن ثمة استهدافا لفريق، فهذا الفساد بعينه، لا بل هو قمة الفساد وذروته، فأمام الفساد لا تعود ثمة قامات وطنية كبيرة لا يجوز تكدير خاطرها، مع الفساد يستوي مسؤول بكامل قيافته وظرفه بأصغر موظف معدوم وبثياب من "البالية"، الأول فاسد على طمع، أما الثاني فعلى جوع وعوز أو تشبها بالسياسي والمسؤول (غير المسؤول).
وإذا كان هناك من يؤكد أننا الآن أصبحنا على طريق مكافحة الفساد ، وأن المجلس الاعلى لمحاسبة الرؤساء والوزراء لم يعد مجرد كلام، بدليل أن جلسة انتخاب اعضائه حددها رئيس مجلس النواب نبيه بري في السادس من اذار (مارس) المقبل، فذلك لا يلغي توجساتنا كضحايا للفساد.
وإذا ما استعرضنا كل محاولات محاربة الفساد منذ "الطائف" 1989 إلى اليوم، فمن المؤكد أن يقتصر عمل المجلس الاعلى لمحاسبة الرؤساء والوزراء على الملحدين فحسب، أما المؤمنون فحميون بجيناتهم الوراثية، وهذا يعني أن الأمور لن تتعدى بعض الديكور لزوم "سيدر" لا أكثر، وسنظل نواجه أسراب الجراد في السلطة وخارجها من محظيين ومحصنين ضد الفساد، وكل الخوف أن نصرخ غداة خيبة وأكثر: "يااااااااا الله بأي جراد ابتلينا"!