تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
القى النائب المهندس سليم عون كلمة في جلسة مناقشة البيان الوزاري للحكومة قال فيها: "في كلمتي هذه سأبتعد عن الشعبوية، ليس لأني لا احب ان اكون قريبا من شعبي واهلي او محببا لديهم بل لأني ارغب دائما ان اكون صادقا معهم، شفافا وموضوعيا، لأني دوما ابحث عن راحة ضميري ولأني اشعر من موقعي الذي انا فيه بالمسؤولية. فالمسؤولية تتطلب منا قول الحقيقة كما هي دون مواربة، دون مسايرة ودون مساومة، خاصة في الوضع الحرج والدقيق الذي نحن فيه اليوم والذي يتطلب منا البعد عن المزايدات والكيدية والنق والندب من جهة والعمل الايجابي المنتج والبناء من جهة اخرى لتأمين المصلحة العامة قبل اية مصلحة ضيقة. فامام خطر الانهيار الكامل وخطر سقوط الهيكل على رؤوسنا جميعا، لم يعد امامنا اي مجال للترف والرفاهية واللعب على شفير الهاوية كما لم يعد مسموحا لنا بث اجواء اليأس والاحباط لدى الرأي العام اللبناني واعطاء الانطباع السيء عنا وعن وطننا لدى الرأي العام الدولي. وما حال الاشمئزاز وعدم الاكتراث وعدم الاهتمام الذي لمسناه لدى الرأي العام اللبناني من خلال عدم متابعته المعتادة لكلماتنا في جلسات المناقشة هذه، الا خير دليل على ما اقول.
الحكومة الماثلة امامنا، حكومة "الى العمل"، ليست بحاجة الى ثقتنا وحسب، انها بحاجة الى ان نقف الى جانبها، ان ندعمها في مهماتها، ان نساعدها على انجاز اهدافها، ان نتعاون في ما بيننا ومعها وان نوفر لها الاجواء الملائمة كي تعمل. وفي المقابل، نحن ايضا بحاجة الى نجاحها، فهي فرصتنا الاخيرة، لا بديل لنا عن نجاحها، المهمات الملقاة على عاتقها لا تتحمل الفشل، وهل يعتقد احد منا انه في حال فشلها لا سمح الله، سيكون من الممكن بعد اليوم ان تقوم لنا قائمة؟
هذه التركيبة الحكومية ليست سبب تعقيداتنا، بل تعقيداتنا هي سبب هذه التركيبة. صعوبة ولادتها والمخاض الذي مرت به وعقد التأليف التي واجهتها، هم نتيجة صيغتنا التي اعتمدناها منذ تأسيس لبنان اولا، والميثاق الذي توافقنا عليه ثانيا والدستور الذي يحكم فيما بيننا ثالثا.
هذه الحكومة جمعتنا على اختلاف مكوناتنا وآرائنا وخياراتنا، وهي تمثل اكثر من تسعين في الماية من القوى السياسية التي يتألف منها مجلسنا الكريم. حكومة تكونت من جيناتنا السياسية، وعندما ولدت بدأ بعض من تمثل فيها يرجمها ويلعنها تارة بالسر وطورا بالعلن.
اما مبدأ حكومة الوحدة الوطنية الذي وضع كثابتة اساسية طيلة فترة التشكيل فكان خيارا اراديا وضروريا، اذ تعتمده كل الدول والانظمة عندما تكون تعاني من ازمات وطنية كبرى او على ابوابها، كخطر الحرب او مشاكل اقتصادية او صعوبات مالية. كما ان المعايير والقواعد التي وضعت لها فهي ليست استنثابية او اعتباطية، بل فرضها منطق العدالة والشراكة والانصاف.
حكومة احترمت نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة التي عكست الارادة الشعبية الحقيقية خاصة ان القانون الذي على اساسه اجريت الانتخابات كان يعتمد على النظام النسبي.
لنستفد من قوة الرئيس بدل التحسس منها، لنستغل وجوده في سدة الرئاسة الاولى كي نخرج من ازماتنا، لنستمد منه الارادة والصلابة والايمان كي تنجح حكومتنا في تحقيق اهدافها والتي يمكنني ان اصفها تحت ثلاثة عناوين: الاصلاح، الانقاذ الاقتصادي وحل ملف النازحين. فالحكومة متسلحة لتحقيق هذه الاهداف بدعم فخامة الرئيس العماد ميشال عون الذي اخذ على عاتقه انجاحها اذ وصفها منذ توليه سدة المسؤولية بحكومة العهد الاولى، فهو منذ البداية رسم هذا المسار عندما ربط هذه الحكومة بالانتخابات النيابية، اوليس هو من اعلن ان حكومة العهد الاولى هي التي ستتشكل بعد اجراء الانتخابات النيابية وعلى اساس نتائجها؟ لماذا؟ أليس لانه كان دائما يعتبر ان الشعب هو مصدر السلطات كما جاء في مقدمة الدستور وهو المؤمن اصلا بعظمة شعبه حتى العضم وكان يستمد قوته منه في كل الفترات الصعبة منها والسهلة. فهذا المجلس النيابي الحالي الذي تعتبره يا دولة الرئيس ونعتبره معك، من افضل المجالس التي توالت وهذا التمثيل الشعبي الواسع ما كان ليحصل لولا رفض فخامته التوقيع على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة على اساس النظام الاكثري الذي كان معمولا به حينها. لو لم يفعل ذلك لما تمكن كثيرون من اخذ حقهم بالتمثيل. الرئيس الضعيف لا يفعل ذلك، الرئيس الضعيف يقول لا حول ولا قوة لي وانا لا استطيع ان اتحمل عبء عدم التوقيع على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة ، اما الرئيس القوي فيستطع. ثم عندما اراد المجلس النيابي السابق تمديد ولايته مجددا، استعمل فخامة الرئيس صلاحيته الدستورية وفق المادة 59 من الدستور التي اجازت لفخامته تأجيل انعقاد المجلس النيابي وذلك لحث القوى السياسية والضغط عليها كي تصل الى اتفاق على قانون جديد، وهذا ما حصل. اذن لولا الرئيس القوي لما كان عندنا قانون انتخابات ولا انتخابات وكان العديد من اعضاء مجلسنا هذا ليسوا في اماكنهم اليوم.
هذه الحكومة التي هي وليدة ما افرزته الانتخابات النيابية، اتت تتويجا للمسار الذي رسمه فخامة الرئيس، فحققت فعليا التوازن والشراكة الحقيقيين. هذا هو روح ونص اتفاق الطائف وليس العكس. ما كان يحصل في الماضي هو الخلل بعينه وما جرى الآن هو تصحيح هذا الخلل اذ ان الشراكة الحقيقية تكون بين قوي وقوي، اما اذا كانت بين قوي وضعيف فهي ليست شراكة بل هيمنة وتبعية. والانكى ان من سكت على التلاعب باتفاق الطائف وعلى ضرب الشراكة والتوازن لسنوات وسنوات، يأتي اليوم ويسمي تصحيح الخلل بالبدع.
لا يا سادة، البدع كانت في الممارسات المشوهة والعيب كان في السكوت عنها والحرام الا نعترف بتصحيح الخلل اليوم. ومن اراد او تعود على الرئاسة ان تكون ضعيفة فليغير عادته، بالرغم من ان من يغيّر عادته يفقد سعادته، ما همّ، فزمن الرئيس الضعيف قد ولى، مع التأكيد ان قوة الرئيس تتكامل مع قوة رئيس المجلس النيابي ومع قوة رئيس الحكومة ولا تتعارض معهما. هذا عدا ان الرئيس لا يمكن ان يكون قويا اذا لم تكن المؤسسات الدستورية قوية وان لم يكن رؤساء هذه المؤسسات اقوياء. هذه هي نظرتنا للبنان القوي وهذا ما عملنا ونعمل له، ولن اعود الى الوقائع التي تؤكد ذلك وهي كثيرة لاني اعتبرها انها كانت من باب الواجب وليس التمنين.
بالعودة الى قانون الانتخابات، لا بد من الاشارة الى ضرورة اجراء قراءة علمية وهادئة لهذه التجربة في المرحلة الآتية، فنؤكد على الامور الايجابية ونطورها ونحسنها اذا امكن ونعدل الجوانب السلبية التي ظهرت وبانت اثناء التطبيق. وفي هذا المجال ايضا، اطالب الحكومة بأخذ الاجراءات اللازمة لوضع جميع الاصلاحات التي رافقت اقرار قانون الاتنخابات والتي لم يعمل بها، او حتى الاصلاحات التي يمكن ان تقر من جديد، قيد التطبيق والّا نماطل ونتركها لما قبل موعد الاتنخابات فتصبح عرضة للتأجيل مرة اخرى. وعلى رأس هذه الاصلاحات حق المنتشرين بالتمثيل وحق كل الناخبين مقيمين ومنتشرين داخل لبنان وخارجه باعتماد البطاقة الانتخابية التي يجب اصدارها باقرب وقت ممكن كي يتمكن الناخب عند الاستحقاق الانتخابي من الاقتراع في مراكز قريبة من سكنه مما يسهل المشاركة في العملية الانتخابية ويحررها من اية ضغوط مادية او معنوية مع امكانية لا بل مع واجب الاستفادة منها بنفس الوقت كبطاقة هوية وبطاقة صحية وبطاقة تعريف مالي. وفي هذا السياق الفت النظر بان وضع سجلات النفوس في حال يرثى لها فهل يجوز ان نكون في عصر التطور والتكنولوجيا ونتكلم عن الحكومة الالكترونية ومشاريع طموحة في هذا المجال ونحن ما زلنا نصدر الوثائق الرسمية كاخراجات القيد وغيرها بخط اليد مع الاخطاء الهائلة التي تحتويها.
متى بدأ الفساد في لبنان؟ الى اي تاريخ يعود؟ كم عمره؟ هل هو جديد وظهر فجأة، ام انه تركة ثقيلة، و ارث متراكم؟ من المسؤول عن تراكم الفساد؟ اسارع الى القول: هناك فرق بين مسؤولية ومسؤولية، هناك فرق بين مسؤولية الاصلاح ومسؤولية الفساد، مسؤولية الاصلاح نعم هي مسؤوليتنا جميعا ونحن في الطليعة، اما مسؤولية الفساد فليست مسؤولية الجميع. لنستثمر ايها الزميلات والزملاء في قوة الرئيس لدعم مسيرة الاصلاح بدل التحسسس منها ايضا وايضا.
كنت انتظر ان تشجعونا وتشجعوا وزراء التيار الوطني الحر الذين ارتضوا وبمبادرة منهم امام المجلس السياسي للتيار، وبعد ان اصبحوا وزراء وليس قبل، ان يضعوا انفسهم تحت المساءلة والمحاسبة. فهذا شعور بالمسؤولية من الوزراء تجاه الفريق السياسي الذي يمثلوه. كلنا يعلم ان كل وزير يشعر بالغطاء الكبير له مهما فعل وبانه غير معرض للمساءلة ومحمي من فريقه السياسي ومن حلفاء هذا الفريق، مع العلم ان الاستقالة موجهة حسب الاصول الى رئيس الحكومة وليس لغيره، حتى عند حاجتها تكون دستورية وليست مخالفة للدستور. فبدل ان تحذو جميع القوى السياسية حذونا، حتى يرفع الغطاء السياسي عن اي وزير اذا لم ينجح لا سمح الله، نرى بعض هذه القوى تهاجمنا وتنتقدنا فقط لمجرد التهجم والانتقاد. باختصار نعتبر ان ذلك هو نوع من انواع الاصلاح في ظل غياب اية محاسبة فعالة.
المهمة صعبة لكنها غير مستحيلة، لبنان مر بازمات كثيرة واجتازها بنجاح ولو بعد معاناة، ثقوا بالله وبلبنان ولنمد ايدينا لمساعدة الحكومة وانقاذ الوطن. كما على الحكومة ان تحصن عملها وتساعد نفسها بنفسها والا تهمل العوامل الاساسية لنجاح اية عملية انقاذية ومن اهم هذه العوامل: القضاء والامن والانماء المتوازن. اعطوا في الانماء مناطق مثل قضاء زحلة ما يستحق من حقوق. منطقة زحلة قامت وتقوم دائما بواجباتها ولم تبخل يوما بما طلب منها من تضحيات، فهي بحاجة الى مبنى جامعي لائق نطلب من الحكومة مواكبة مساعي رئيس الجامعة اللبنانية ومجلس ادارتها في هذا المجال، بحاجة الى سلامة الطرقات الدولية والرئيسية التي تربطها بالعاصمة وبالساحل اللبناني خاصة ايام العواصف والضباب، بحاجة الى الاهتمام ببردونيها ومتابعة اعمال رفع التلوث عنه وعن الليطاني، بحاجة الى مدينة رياضية اسوة بباقي المناطق اللبنانية، بحاجة الى تمويل كلفة انشاء سد برحاشة، المعروف باسم بير هاشم، وبحاجة الى صيانة مبانيها ومدارسها الرسمية.
دولة الرئيس، اكتفي بما قلت، لن اطيل اكثر وفي النهاية ومع اصراري على ممارسة دوري الرقابي كنائب على اكمل وجه اضافة الى دوري التشريعي، اتمنى للحكومة ورئيسها التوفيق".
وطنية -