تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
الكل يريد محاربة الفساد و"مستشرس"، فيما الفساد ليس ببعيد، أو هو أقرب للبعض من حبل الوريد، وثمة فساد قابع في النفوس، هو الأخطر والأشد فتكا، لأنه متوارٍ خلف بذلة وربطة عنق وقيافة لا تشي بما في داخل صاحبها، هذا النوع من الفساد يستدعي ثورة أخلاقية مدعمة بمنظومة من القيم، خصوصا وأن الفساد لا يمكن قياسه بجهاز خاص، لأنه يمثل نمطا من التفكير، وهو غير محسوس ولا يمكن رصده إلا بما يخلف من نتائج وتبعات وكوارث وأزمات، وهنا كارثة الكوارث، وهذا ما نعيشه في لبنان، كنا وما نزال إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.
الكل يريد محاربة الفساد ، هذا ما تأكدنا منه بالاستماع إلى ممثلي الشعب بالقانون النسبي الهجين، لا سيما وأن هناك شعبا غير ممثل، جرى إقصاء ممثليه بالقانون عينه، بدليل أن ليس ثمة ممثلون لشعب وإنما لطوائف إذا استثنينا نائبين أو ثلاثة، كالنائب عن صيدا أسامة سعد الذي رفض أن يكون جزءا من مسرحية "اللقاء التشاوري" السني، رافضا أن يكون ممثلا لطائفة انتمى إليها بالولادة ويفخر بها ويعتز على المستوى الشخصي، لكن في السياسة هو ممثل لكل اللبنانيين.
الكل يريد محاربة الفساد ، هذا الذي ما يزال ينخر في جسد الدولة، لكن إذا ما نظرنا إلى ممارسة وأداء أهل السياسة الذين ضاقوا ذرعا بالفساد والفاسدين، وقد استوقفتنا فصاحة بعضهم أمس واليوم، من حقنا أن نقول الأمور صراحة، إن من يحمي مجرم ومرتكب وسارق هو بالضرورة فاسد، من يتدخل في القضاء مستغلا وموظِّفا نفوذه وموقعه ليعيق العدالة ويخرب على القانون هو أكثر من فاسد، فما الذي تغير حتى الآن؟ وكيف نركن هواجسنا بعيدا وننأى عنها ونصدق أن معركة استعادة الدولة بدأت؟
ألم يلاحظ اللبنانيون أن منسوب الفساد ارتفع وبلغ مستويات خطرة لدى سائر القوى السياسية؟ أوليست الشعارات ذاتها لدى الجميع؟ ومن ثم ما الذي تغير لنقتنع بأن الأمور ستصطلح بين ليلة وضحاها؟
إلى أن نجد أجوبة شافية، لا نصدق بأن معركة مواجهة الفساد إلا إذا شهدنا محاكمات ونصب مشانق، من أعلى السلم إلى أسفله، يمينا ويسارا وفي كل الاتجاهات، خصوصا وأن من يمارسون السياسة، أو جلهم على الأقل، غيروا المقولة "الديكارتية الشهيرة" فباتت اليوم: "أنا فاسد إذاً أنا موجود"!