تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
من تابع وقائع جلستي مجلس النواب أمس واليوم، يصل إلى جملة من الاستنتاجات حيال ما نحن عليه اليوم من تشرذم بلغ مدى غير مسبوق في تاريخ لبنان، ومن الإجحاف أن يتحمل العهد تبعات ثلاثة عقود أو أكثر من الفساد والهدر والصفقات، ومن هنا، لا يعني التصويب على مكامن الخلل في بنية نظامنا السياسي أن المقصود فريق دون غيره.
في المبدأ، ثمة قناعة تترسخ يوما بعد يوم من أن اقتسام الدولة على غرار ما شهدنا في الحكومة الجديدة، لا يمكن أن يجلب المن والسلوى للبنانيين، ولذلك تبقى تطلعاتنا دون السقف المتوقع بكثير، وما شهدناه على مستوى الحكومة أيضا، تأليفا بالأمس ومناقشة البيان الوزاري اليوم يقطع الشك باليقين، فالكل يغني على ليلاه، ولا سقف جامعا لرؤى وتطلعات واحدة.
وطالما أن معالجة الفساد لن تطاول الرؤساء والوزراء وكبار المسؤولين في الدولة، بسبب عدم إنشاء المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء كما نصت عليه المادة 80 من الدستور، فلا أمل يرتجي، وأساسا الفساد لا ينمو إلا بظل حماية وتوظيف النفوذ والاستقواء بالمواقع، أما إذا كان المقصود بمحاربة الفساد محاسبة صغار المسؤولين والموظفين فليس ثمة ما ينبىء بالخير، ولعل لهذا السبب أُطلق "سلوغون" مهضوم وخفيف الظل يقول ان غسل الدرج يبدأ من فوق لتحت، ومن ثم هل يعقل ألا يكون ثمة وزير أو نائب في دائرة الفساد؟ وهل ان مسؤولي الدولة معصمون أو هم بعيدون عن شبهة الفساد؟ وهل أن ثمة بينهم من يرقى إلى رتبة ملاك؟
بعض الأسئلة يستحضر أسئلة أكبر، من قبيل لماذا لا يطبق الدستور فيما خص المادة 80؟ وإذا كان مسؤولو الصف الأول نظيفي الكف فلماذا يتم إغفال تنظيف الدرج من أعلى؟ وإذا كانت محاربة الفساد أولوية أفلا يعني ذلك أن ثمة ضرورة لتفعيل القضاء؟
إذا ما نظرنا إلى أزماتنا العصية على الحل من خاصرة الفساد عينه، نتأكد من أن أقصى المتوقع لن يتخطى محاسبة بعض صغار الموظفين في حدود لا تكدر خواطرهم، إذ سيجدون من يدعمهم من باب التوازن الطائفي، فالمس بأي موظف ستكون له تبعات انطلاقا من هذا الواقع التحاصصي، خصوصا وأن أصحاب الكفاءة محرومون من التوظيف إن لم يستظلوا فيء خيمة الزعيم، وكل الخيم الطائفية في لبنان "مرحرحة"!