تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
احتفلت دول العالم الاثنين بـ "اليوم العالمي لمكافحة مرض السرطان "، وأطلقت حملة كبيرة تستمر 3 سنوات تحت شعار "هذا أنا وذلك ما أستطيع فعله" I am & I will، وكان لافتا للانتباه كيف واكب لبنان هذه الاحتفالية العالمية في مواجهة المرض الخبيث، لقاءات، مؤتمرات، إرشادات وحملات توعية، ندوات وملصقات، حتى أننا لا نعرف كيف يمكن أن نرفع آيات التقدير للوزراء السابقين الذين استبقوا المناسبة، وقاموا بإدراجها على جدول النشاطات السنوية، ولا سيما: البئية، الصحة، الزراعة، الإعلام والتربية!
للأسف، لم نلق أي اهتمام رسمي يرقى إلى أهمية هذه المناسبة، وفي محاولة للإحاطة بهذا اليوم العالمي فوجئنا أن لا أحد يعنيه الأمر من المسؤولين، على أمل أن تستدرك الوزارات في الحكومة الجديدة مثل هذا التجاهل، كي لا نقارب أي تقصير بسخرية موجعة، وألا نكون مرة جديدة أمام تجربة لبعض وزراء لم يقدموا أي إضافة، ولو معنوية، تسجل لهم في قائمة إنجازات وزاراتهم، وإذا ما لحظنا حجم الاستسهال واعتبار المنصب "برستيج" وصراخ و"قوطبة"، فنتأكد أن لبنان غائب عن الوعي، وعلى الحكومة الجديدة أن تمده بأسباب الحياة لينهض على قدمين ثابتتين.
وحدها لجنة "كفرحزير البيئية" تذكرت المناسبة بما تحمل من وجع أبنائها الذين فقدوا أحباء ومن يواجهون اليوم صراعا مع المرض الذي تتسبب به مصانع اسمنت شكا والهري، لنتأكد أن "الجمرة ما بتحرق إلا مكانها"، فهل ثمة مسؤول واحد يعيش قرب مصانع الموت ومكبات النفايات وعند ضفاف الأنهر الملوثة؟
مواجهة أسباب الموت بالمجان، هي المدخل الأساس في التصدي للفساد، وإذا أخذنا في الاعتبار ما تم توثيقه بالأرقام ومن مصادر علمية موثوقة، نتأكد أن منطقة البقاع تسجل أعلى معدل للإصابة بالسرطان، فضلا عن الساحل الشمالي في شكا ومحيطها في قضاء الكورة، ولا نتحدث هنا عن صراخ الأهالي في مناطق عدة من لبنان، تنتظر من يقيم أوضاعها لمعرفة سبب شيوع حالات السرطان على نحو غير معهود، ولا سيما ما يتم تناقله عبر مواقع التواصل الاجتماعي .
لسنا في وارد تحميل الحكومة تبعات كل هذا الإهمال، لكن مع تفاقم الأمور، لا بد أن نبدأ من مكان ما، ولا بد من أن يتحمل الملوِّث تبعات ما اقترف من جرائم بحق المواطنين وبحق الطبيعة والبيئة بسائر مكوناتها، هواء وتربة ومصادر مياه سطحية وجوفية، ولا بد أيضا من التشدد في منع استخدام المبيدات الزراعية الشديدة السمية، وإلزام المصانع بالشروط البيئية والصحية، وإعلان حالة طوارئ صحية وبيئية لمواجهة كارثة النفايات الصلبة والسائلة، وتنظيم قطاع النقل وغيرها من إجراءات تطاول مختلف قطاعات الحياة، وإلا سنكون أمام كارثة أكبر من تلك التي نواجهها اليوم، حيث يطارد الموت اللبنانيين!