تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
كنا نتوقع أن يكون إعلان تشكيل الحكومة مدخلا لمرحلة جديدة تتسم بالعقلانية والهدوء، على قاعدة أن "ما فات مات"، وأن الجميع انضوى في تسوية الحد الأدنى تمهيدا للانطلاق نحو العمل دون عثرات، أي مع خفض مستوى الخطاب الداخلي من متشنج إلى هادئ نسبيا، لنفاجأ بمواقف تصعيدية وتراشقا من نوع جديد على خلفية ما رافق التشكيل من ملابسات والتباسات.
وكنا نتوقع أيضا أن يتغاضى الجميع عن أمور جانبية طالما أن الحكومة تشكلت، بمعنى أن لبنان تخطى أزمة التأليف والمطلوب اليوم أن يشرع الجميع في دعم الحكومة العتيدة وتسهيل مهامها، وتاليا محاسبتها في سياق ما سوف تحدد وتتبنى من مهام، وما سوف تُــحقِّق من مشاريع وإنجازات، غير أن ما استجد من مواقف جديدة من شأنه أن يبدد أجواء التفاؤل، فعودة التراشق السياسي في هذه الفترة سيكون مجلبة لأجواء متوترة لن توفر المناخ المطلوب لـكي "تقلع" الحكومة التي تنتظرها استحقاقات كبيرة.
لا يمكن تحميل أي فريق سياسي تبعات أفضت إلى كل هذا التشنج، وأيضا لا يمكن القبول بتعكير الأجواء، وثمة أخطاء في الأساس ولكن لا تعالج أيضا بالخطأ، وتبقى المشكلة متمثلة في آليات تشكيل الحكومة، مع ما تخللها من "مراعاة خواطر"، وهذا بيت القصيد، فما يبنى على قاعدة المحاصصة الطائفية والمذهبية، لا يمكن أن يرضي جميع القوى السياسية، ومن هنا، وبالاستناد إلى معايير اختيار الوزراء على قاعدة القرابة بالدم (الزوجة، الإبن، وابن الشقيق) لا يمكن أن نتوقع أفضل مما كان.
المشكلة في كيفية تشكيل الحكومة وفق قواعد تراعي الكفاءة لا نسب القرابة ومراضاة مشاعر وخصوصيات البعض، وفي النهاية، وإن كنا نتمنى أن يتعالى الجميع عن الأخطاء، لكن في مكان ما، وفي تقييم كل ما رافق تشكيل الحكومة من ثغرات وتعلية سقوف، نتمنى ألا ينطبق على واقع الحال اليوم المثل الشعبي "إذا هالغزلة غزلتك... حرير بدنا نلبس"!