تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
تبادل التهنئة بين اللبنانيين مع إعلان تشكيل الحكومة ، بدا أمس واليوم وكأن لبنان حقق إنجازا في مجال استكشاف الفضاء، أو أن السلطة السياسية حققت معجزة تمثلت في احترام الإستحقاقات الدستورية، وفي ترسيخ الآليات القانونية لمنع احتجازها وارتهانها لمصلحة هذا الفريق أو ذاك، فمن يضمن ألا يصادر لبنان مستقبلا وعند أي استحقاق دستوري أو أزمة ناشئة؟
بالنظر إلى بديهيات العمل السياسي، يعتبر تشكيل حكومة في أي نظام ديموقراطي بعد نحو تسعة أشهر نوعا من إفلاس لا إنجازا يرقى إلى "تاريخي"، وإذا ما نظرنا إلى ما آلت إليه أوضاعنا في السنوات العشر الماضية، نتأكد أن لبنان خسر إلى حد بعيد حضوره الديموقراطي، هذا الحضور الملتبس أساسا، وقد تحول في محطات كثيرة معطِّلا لمسيرة البلد مع كل استحقاق.
لا ملاحظات على الحكومة الجديدة وهي لم تنل الثقة بعد، ولم تبدأ العمل حتى الآن، فهذا موضوع آخر، لكن ما لا بد من طرحه كهواجس يظل متمثلا في آلية تشكيلها وفي الوقت المستهلك تكليفا وتأليفا، وثمة أسئلة مشروعة غير منفصلة عن كل هذا المناخ السياسي المضطرب، وهذا ما يتطلب من سائر القوى السياسية تبريد الأجواء ووقف السجالات على قاعدة أن ما هو مطلوب اليوم هو التحلي بأقصى درجة من المسؤولية، تسهيلا لعمل الحكومة العتيدة مع بداية انطلاقتها.
وبالنظر إلى حجم التحديات المنتظرة، المطلوب في هذه اللحظة، حدا أدنى من التوافق لمواجهة الكثير من الاستحقاقات، لعل أبرزها مواصلة مكافحة الفساد والاستمرار في إنجاز الملفات التي كانت عنوان الحكومة السابقة، فضلا عن ترجمة مقررات مؤتمر " سيدر "، وهذا التحدي الأول والأساس في هذه المرحلة، دون إغفال الملفات التي تحتاج إلى متابعة ولا سيما منها ملف الكهرباء وتفكيك "مافيا المولدات"، وملف النفايات المنزلية الصلبة وتجنيب البلد كارثة جديدة.
وكي لا تطغى أجواء التشكيل على عمل الحكومة المرتقب، ولأن أمامها مرحلة اختبار قاسية تتمثل في قدرتها على قيادة برامج الاصلاحات الضرورية وسبل تطبيقها، فعلى سائر القوى السياسية تجاوز مصالحها ومساعدة الحكومة على أداء مهامها كفريق عمل واحد متجانس، خصوصا وأن الجميع ممثل فيها، وأي خسارة ستكون من "كيس الجميع"!